الأمة المغربية و درس الوحدة البريطانية في استفتاء اسكتلندا التاريخي


الأمة المغربية و درس الوحدة البريطانية في استفتاء اسكتلندا التاريخي
ناظور24 : محمد العزوزي

اختيار غالبية الاسكتلنديين البقاء ضمن المملكة المتحدة عوض الانفصال و تأسيس كيان خاص بهم في الاستفتاء الأخير الذي نظم بهذا البلد المكون لبريطانيا العظمى ، دليل و واضح على التعقل و الرزانة السائدين في البلدان الديمقراطية و التي يفكر شعوبها في الوحدة عوض البلقنة و الشتات الذي يسود لدى بعض شعوب دول العالم الثالث التي تسعي إلى التفتيت و تكوين كيانات على أسس اثنيه ضيقة تقوم على تقسيم المقسم و تجزيء المجزأ.

إن الشعب الاسكتلندي احتكم إلى التاريخ المشترك مع بريطانيا العظمى و المصالح العليا التي تكمن في الوحدة و البقاء ضمن امة واحدة لها شرعية و تاريخ يمتد لآلاف السنين لما كانت بريطانيا تسمى المملكة التي لا تغرب عنها الشمس و هو نفس الاختيار الذي تبناه الشعب الاسترالي قبل سنوات حيث اختار حينها و في استفتاء شعبي البقاء تحت التاج البريطاني عوض الاستقلال التام عن بريطانيا.

فرغم المسافة الشاسعة لهذا البلد - استراليا - المتواجد في أقصى الجنوب و بين بريطانيا المتواجدة أقصى شمال الكرة الأرضية ورغم عدم حاجتها إلي بريطانيا اقتصاديا و سياسيا إلا أن الشعب الاسترالي رضي إن يبقي مرتبطا بشرعية تاريخية "وامن هوياتي" تجلت في التاريخ البريطاني كملاذ يضمن له نوعا من الاستقرار و الأمن الروحي.
إن البحت عن الأمن الروحي و الشرعية التاريخية، هي التي جعلت مجموعة من دول غرب إفريقيا و المغرب الكبير تستنجد بالمملكةالمغربية من اجل إصلاح الشأن الديني بهذه البلدان و طلبت رسميا من المملكة تكوين الأئمة و الخطباء و الوعاظ ليقوموا بنشر التعاليم السمحة للإسلام الوسطي المعتدل الذي يتبناه المغرب ومن بين هده الدول نذكر تونس، ليبيا ،مالي، نيجيريا و ما الاستقبالات الرسمية والشعبية التي حظي بها جلالة الملك محمد السادس خلال زياراته لهده البلدان باعتباره أميرا للمؤمنين إلا عربون اعتراف بالدور التاريخي الذي لعبته المملكة في نشر تعالم الدين السمحة بهده المناطق النائية من إفريقيا.

و لابد من التذكير أن الشرعية الدينية و التاريخية التي يتمتع بها المغرب بهده المنطقة من العالم، تجد جذورها في التاريخ المجيد للمملكة فبالمغرب تكونت أول دولة إسلامية مستقلة عن دار الخلافة بالمشرق على يد احد أحفاد علي بن أبي طالب الذين فروا من الحرب التي فرقت المسلمين في صدر الاسلام لأول مرة في التاريخ إلى سنة و شيعة، و بالرغم من أن المولى إدريس الأول كان من أنصار جده سيدنا علي و سليل بيت النبي محمد صلى الله عليه و سلم، إلا أن المغرب لم يتشيع، و تكونت به نواة إسلام معتدل متسامح بالمغرب، امتد إشعاعه ليشمل باقي المنطقة المغاربية، جنوب غرب إفريقيا وجزء من أوروبا ، إذ امتدت الإمبراطورية المغربية في ظل الأسر التي حكمت المغرب من حدود فرنسا شمالا الى تخوم السنغال جنوبا (بلاد السودان قديما) و من حدود مصر شرقا الى المحيط الأطلسي غربا.

ففي الوقت الذي نجد فيه دولا بعيدة عنا تستنجد بنا من أجل أمنها الروحي و استقرارها الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي لما راكمناه عبر التاريخ من تجارب في هذا المجال، نجد مجموعة من المراهقين السياسيين وبعض خدام الأجندة الأجنبية (مثال:بعض قيادات مرتزقة البوليساريو المرتبطة بالمخابرات الجزائرية التي تكن كرها و حقدا للمغرب) تتطلع من أجل تفتيت وحدة المملكة.

أن هذا الرصيد التاريخي هو الذي يخيف مجموعة من أعداء المغرب و الذين لا يوالون جهدا و لا يجعلون أي فرصة تضيع منهم من أجل النيل من سمعة المغرب ، لأنهم يعتبرون أن أي تعزيز للدور التاريخي للمملكة هو تهديد لهم ، ناسين او متناسين أن النخب السياسية و العسكرية الحاكمة في بلدانهم غالبا ما ينهون تقاعدهم بالمملكة المغربية لان عقلهم الباطن* يعترفا بفضل هذا البلد عليهم على مر التاريخ.

*العقل الباطن : مفهوم يشير إلى مجموعة من العناصر التي تتألف منها الشخصية، بعضها قد يعيه الفرد كجزء من تكوينه


و في الاخير اختم مقالي هذا بقوله تعالى :


وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر))