القصة الكاملة للمتهم الرئيسي في قضية تزوير “أختام الدولة” بإقليم الناظور


القصة الكاملة للمتهم الرئيسي في قضية تزوير “أختام الدولة” بإقليم الناظور
سكينة التوزارني

تفجرت خلال الأيام الماضية عبر مختلف وسائل الإعلام، قضية الموظفين في مصلحة الصفقات ومكتب الدراسات بعمالة الناظور والمتهمين بالتلاعب في الصفقات العمومية والمشاريع الملكية، وكذا مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي أصبحت تعرف محليا بـ ” فضائح المسابح الثلاثة ” بسلوان وزايو والعروي. وكل من اطلع على القصة يتبادر إلى ذهنه أنها قصة تلاعب واحتيال موظفين على صفقات عمومية من المفروض أن ترد عليهما ربحا مشبوها وأن السلطات المعنية تحت لواء وزارة الداخلية قامت باكتشاف عملية النصب في ملفات شابتها اختلالات كبرى بعمالة الناظور.

نون بريس التقت بأحد الموظفين المتهمين الرئيسيين في قضية تزوير أختام الدولة، وماراج حول تورطهم في التلاعب في الصفقات العمومية والمشاريع الملكية بالناظور، وروى القصة الكاملة من وجهة نظر مكتب الدراسات المعني بالقضية.

بداية الحكاية

يقول”و.ي” مهندس ومالك مكتب خاص للدراسات: قصتي مع عمالة الناظور بدأت سنة 2014 واستمرت 5 أشهر فقط، ولتنوير القارئ سوف أبدأ من الأول. قيل وحكي على أنني والموظف الثاني متورطين بالتلاعب في الصفقات العمومية والمشاريع الملكية على رأسها مشاريع المسابح الثلاث بالناظور والذي أعطى انطلاقتها جلالة الملك نصره الله سنة 2012م، لكن الحقيقة ليست كذلك فأنا لم ألتحق بالعمالة إلا في سنة 2014 أي بعد ما يقارب العامين عن انطلاق المشاريع بمدة، ويرجع سبب عدم استكمال مشاريع المسابح الثلاثة إلى أخطاء تقنية قام بها مكتب دراسات آخر استعانت به العمالة لإنجاز المسابح وعليه تم توقيف المشاريع.


وخلال سنة 2014 تم الاتصال بي لتتبع مجموعة من مشاريع عمالة اقليم الناظور عن طريق مكتب أصدقائي بالدار البيضاء حيث كنا نشتغل مع بعض عن طريق تمرير المشاريع لبعضنا، وبناء على ذلك استلمت المشروع كوني مسؤول عن جهة فاس – وجدة.

التحقت بالعمالة خلال هذه السنة ( 2014 ) أي بعدما انطلقت فعلا الأشغال على المسابح بمدة وتم توقيفها، ولم أكن أمثل مكتب الدراسات الوحيد الذي استعانت به العمالة بل كان هناك مكاتب أخرى من قبلي ومن بعدي أيضا واشتغلت مع العمالة لمدة 5 أشهر دون استكمال المشاريع بل لم تكن لي خلال هذه المدة أية صلة بمشروع المسابح الثلاثة. وبعد شهر تقريبا من انتهاء فترة عملي بالعمالة قمت بافتتاح مكتبي الخاص. وعليه إذن، لم أكن خلال فترة انطلاق هذه المشاريع، فكيف إذا قيل أني متورط في صفقات لم أكن حاضرا عليها منذ بادئ الأمر؟ ولست من قام بالأخطاء في دراسة المشروع في الأول؟ فقد تم الاستعانة بي فقط لتتبع مشاريع العمالة، كما أنه لم تكن لي الصلاحية خلال تواجدي بالعمالة التي تخولني العمل من ذاتي دون دراية أو رعاية المسؤولين في عمالة الناظور. وهذه هي قصة تواجدي بالعمالة وتورطي في عناوين عريضة نشرت في مختلف وسائل الإعلام دون أي أساس.

الحاج .. من شريك بمثابة أب إلى مصدر للمعاناة

يتابع ” و ” قصة الخمس الأشهر التي فتحت عليه أبواب لم يكن يضرب لها الحسبان: خلال فترة تواجدي بالعمالة التقيت بالحاج (م.ت) مقاول بالناظور وكانت له مشاريع مشتركة مع العمالة، مشاريع بالمليارات، الحاج الذي جمعتني به علاقة طيبة كأب بابنه هو سبب معاناتي اليوم وبطل الجزء الثاني من قصتي.

بعد مغادرتي للعمالة، ظلت علاقتي طيبة بالحاج ” م” حيث كان يتصل بي دائما للسؤال عن حالتي وجديدي، وكان غالبا ما يستشيرني في مشاريعه. أصبحنا نلتقي كثيرا، فقد كنت بمثابة ابنه، وكان كأب لي في مدينة غريبة عني. كنت أشاهد صفقات الحاج وتعامله بالملايير كأنه يتعامل مع دراهم وفي فترة وجيزة توطدت علاقتنا أكثر وأصبحنا نتلقي أكثر ويستشيرني أكثر فأكثر، ولم يجمعني أي تعامل به إلا بعد مغادرتي للعمالة.

أصبحت أثق تماما بهذا الحاج الوقور الذي يتقن فن الكلام، كنت مبهورا بطريقة إبرامه لصفقات مليونية وكأنه يبرم صفحة من كتاب، فقد كانت له قدرة هائلة في إقناع الناس، ولم أشك يوما على أنه ليس من كبار المقاولين فقط إنما من كبار النصابين والمحتالين أيضا.

خلال تواجدنا سويا كان أحيانا يستلف مني مبالغ زيهدة بالنسبة له ك 3000 درهم أو 5000 درهم بحجة أنه لا يريد إظهار أمواله أمام العمال وأنا كنت أمده بها، فما قيمة هذه المبالغ أمام رجل رأيته يتعامل من 100 مليون فما فوق، وقد كان الحاج يردها لي دائما دون تأخير.

مشروع للزليج .. طُعْم المصيدة

يقول المهندس الشاب إنه “في يوم طلب مني الحاج مشاركته في مشروع زليج من أجل تحقيق أرباح أكثر مما يدره علي مكتبي كونه يُعِزّني ويريد مصلحتي وكأي شاب تخوفت من الفكرة لكنه أقنعني بها، كان المشروع يتطلب 40مليون سنتيم أي 20 مليون لكل واحد منا، وبعد دراستي له تحمست للفكرة فقد كان سيدرّ علينا 40 مليون أخرى أي 20 مليون ربح لكل واحد”.

ويضيف “قمت باستلاف المبلغ ووضعه في حساب الحاج دون توقيع أي ورقة فقد كانت كلمته كافية وأهم من أي توقيع أو ورقة. وفور تسلم الحاج للمبلغ لم يعد يتصل بي كما كان ولم يعد يجيب على اتصالاتي بحجة أنه مشغول وخلال هذه الفترة بدأت أسمع قصصا عن الحاج ” م” لم تكن تخطر على البال، منهم من يقول عنه سارق، وآخر نصاب وآخر محتال وفي الأخير اجتمع الكل على أنه مجرم محترف”.

خفت نتيجة الكلام الذي سمعته ومن تصرف الحاج غير المألوف، فذهبت إلى باب منزله الذي لم يكن يعرفه أي أحد من مَن نصب عليهم الحاج ورغم محاولات تهربه مني، التقيت به أخيرا ومدني بشيك بقيمة 20 مليون مبلغ رأس المال، على أساس أنني سأتوصل ب 20 مليون المتبقية بعد مدة قصيرة. أخذت الشيك للبنك فوجدته بدون رصيد فظللت ليلية كاملة تحت منزل الحاج إلى أن خرج في الصباح تناقشنا قليلا وأعطاني المبلغ: جزء منه نقدي وآخر في شيك ورجعت ووضعتهم بالبنك. بعد مدة طالبت الحاج بالربح فأعطاني شيكين كل واحد بقيمة 10 مليون، ونفس الحكاية رد البنك الشيكين لأنهم بدون رصيد اتصلت بالحاج لمعرفة سبب تعامله واستهزائه بي فقال إنه كان قادماً لإعطائي المال لكنه تعرض لحادث سير خطير ونجى منه بأعجوبة وأن سيارته تعرضت لأضرار كبيرة وأنه لا يستطيع المجيء، وفور إنهائنا للمكالمة مر الحاج من أمامي يقود سيارته وهو في حالة جيدة؛ في تلك اللحظة أدركت أنه كاذب كبير وأن الكلام الذي يقال عنه صحيح فذهبت إلى مركز الشرطة وقدمت الشيكين. قامت الشرطة باستدعاء الحاج الذي مدني بمبلغ 20 مليون فورا دون تماطل وانقطعت صلتي به بمركز الشرطة وأنا قمت بتصفية مكتبي وعدت إلى مدينتي فاس.

التّهمة.. تزوير أختام الدولة

يتابع مدير مكتب الدراسات قائلا : بعد عام تقريبا سمعت أن الحاج في السجن بتهمة “اختلاس أموال عامة والتزوير في شهادة إدارية واستعمالها ” لم أعر الموضوع أهمية فهو مصير كل محتال ونصاب. لكنني تفاجأت ما يقارب الأسبوعين أني أشكل موضوع مذكرة بحث منذ شهر تقريبا. تم استدعائي للتحقيق بالنيابة العامة بفاس بتهمة ” تزوير أختام الدولة ” الأختام التي كانت في الأوراق المزورة التي كان يتعامل بها الحاج وهذه بحد ذاتها قصة ثالثة. فتهمتي إذن هي تزوير أختام الدولة وليس التلاعب في الصفقات العمومية والمشاريع الملكية وقد اتهمني بها الحاج ولم تكتشفها وزارة الداخلية كما تداولت مجموعة من المواقع.

الجزء الأخير من القصة يقول المهندس الشاب: كان الحاج يقدم للبنك ورقة إدارية من العمالة بتوقيع من مسؤول كبير، هذه الورقة تخوله التوصل ب 80 في المائة من المبلغ المتفق عليه بين المقاول والعمالة والذي يسترده البنك بعد أن تحول العمالة المبلغ للمقاول في حسابه وهو ما يسمى ب ” Droit de constation ” وفي العادة يدخل المبلغ في أجل لا يتعدى الشهر ويقوم البنك باقتطاعه. كان الحاج يقوم بالنصب على البنك ( بنك الشعبي ) منذ 2011 بهذه الطريقة إلى أن تم إلقاء القبض عليه واكتشاف ذلك سنة 2015 أي يقوم بتزوير ختم العمالة ثلاث سنوات قبل مجيئي، فكيف يتهمني بمساعدته في تزوير أختام إدارة عملت بها 5 أشهر فقط وأنا لم يجمعني به أي تعامل مباشر إلا بعد مغادرتي للعمالة؟ والغريب في الأمر هو أن فرع البنك الجهوي والوطني يتوفر في العادة على نظام ينطلق في ظرف شهر في حالة تمتيع المؤسسة البنكية للمقاول بالمبلغ المالي المتواجد في عقد العمل المختوم من العمالة وعدم توصلها بالمبلغ في الأجل المذكور، وأنه في العادة عندما تتوصل بمثل هذه الأوراق يتصل البنك بمصلحة الصفقات والميزانيات للتأكد من صحة الأوراق، فكيف سكت البنك كل هذه المدة على هذه التجاوزات والتلاعبات؟ أيضا الحاج المعروف على مستوى الناظور بسوء سمعته والذي علمت بعدها أنه كان متورطاً في أكثر من 20 قضية نصب ومرفوع عليه عدة قضايا نصب واحتيال بالإضافة إلى النصب على “البنك الشعبي” في ملايين تم إدانته بالحبس النافذ لمدة 4 سنوات مع أداء غرامة قدرها 5 آلاف درهم، هل هي مدة كافية ومبلغ كافي مقابل ما قام به من اختلاس وتزوير؟ الحاج ” م” الذي قضى ما يقارب سنة من عقوبته قرر فجأة توريطي في قضية ليست لي بها أية صلة، حيث قال إنه كان يرشي مجموعة من الموظفين بالعمالة منهم الموظف الثاني المتهم معي في نفس القضية لتمرير وغض النظر عن الصفقات التي رست على شركته من سنوات عدة عن طريقي أنا كأنني الوسيط، فكيف كان يرشي هذا الموظف الذي يشتغل بالعمالة منذ أزيد من 10 سنوات ، والذي قام بتغريمه أكثر من مرة منذ سنوات قبل مجيئي، عن طريقي أنا الذي جئت لـ 5 أشهر فقط؟ وكيف كانت تتم هذه الصفقات التي في العادة يوافق عليها أطراف ومسؤولون لم يتم ذكرهم ؟ وكيف أكون متورطا في عملياته المشبوهة وأنا من قدم شيكاته إلى مركز الشرطة بالناظور دون أن أنكر تعاملاتنا التجارية؟

هذه هي قصتي، وبناء عليها وعلى كل ما قيل ونشر أريد أن أوجه رسالة للقارئ ليس كل ما قيل حقيقة وليس كل متهم مجرم، وأرجو من القراء والسادة المسؤولين محاولة الإجابة عن أسئلتي السابقة والبحث بعقلانية وموضوعية دون الاهتمام من المتورط في القصة من أجل إظهار الحق ورد الاعتبار لأصحابه.