فرنسا: اليمينية المتطرفة ماري لوبين و فرصة الوصول الى قصر الاليزيه.‎


«انتصار للحرية» هكذا وصفت مارى لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية لليمين الفرنسى المتشدد، الخروج البريطانى من الإتحاد الأوروبى.

فرنسا: اليمينية المتطرفة ماري لوبين و فرصة الوصول الى قصر الاليزيه.‎
وعلى الرغم من ان نتيجة الاستفتاء البريطانى كانت صادمة لدول الاتحاد وحكوماته جاءت على هوى هذه الزعيمة المناهضة لفكرة الكيان الاوروبى والتى طالما طالبت بالخروج منه و التحررمن «قيود بروكسل».

وبالطبع اتاحت الأحداث الأخيرة للوبن فرصة ذهبية لتذكير أنصارها والفرنسيين بوجه عام أنها طالما دعت إلى هذا الأمر منذ سنوات وطالبت بإجراء استفتاء يتيح للفرنسيين التعبير عن رغبتهم فى الإبقاء على الاتحاد او الخروج منه، بل وإعطاء باقى الدول الأعضاء بالإتحاد نفس الفرصة لتحديد موقفهم.

وبالعودة لحديثها فور لقائها بالرئيس فرانسوا اولاند بقصر الاليزيه ، لم تغفل لوبن الإشارة الى ان الشعب الفرنسى من حقه ايضا اختيار البقاء بالاتحاد أو الخروج منه ..و لتعظيم استغلال الفرصة وصفت لوبن رفض الرئيس فرانسوا اولاند إجراء مثل هذا الاستفتاء بانه «تهميش للفرنسيين».

وعلى الرغم من ان البعض يرى أن تداعيات الخروج البريطانى بدأت تصب فى ميزان فرنسا حيث تم نقل مقار بعض الاعمال من لندن إلى باريس الا ان الزعيمة اليمينية المتطرفة حاولت تفسير ذلك بانه سياسة متعمدة من فرنسا للتأكيد على ان من يترك الإتحاد الأوروبى هو الخاسر.

وأشارت لوبن الى أن العواصم الأوروبية ستقوم بالضغط على لندن من أجل التراجع عن تنفيذ نتائج الاستفتاء و سيقومون باتخاذ إجراءات من شأنها جعل عملية خروج بريطانيا من الإتحاد تعود بالفائدة على الجميع حتى لا يقدم الآخرون على تكرار النموذج البريطانى . ووصفت ذلك بأنه «استراتيجية الفوضى» التى ستؤدى إلى التباعد بين شعوب القارة الأوروبية.

ويرى المحللون ان لوبن تعمدت التصعيد و مهاجمة الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند خاصة بعد تحذيره من عواقب كارثية على الاقتصاد الفرنسى فى حال خرجت فرنسا من أوروبا متهمه الرئيس والحزب الاشتراكى الحاكم الذى ينتمى إليه بما أسمته «إرهاب» الفرنسيين وترويعهم من خلال اللعب بورقة التخويف من تبعات خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبى على اقتصادها.

وقالت « الكارثة التى يتحدث عنها اولاند هى التى يعيشها اقتصادنا فى الظروف الراهنة، مؤكدة ان الاتحاد الأوروبى يسير فى اتجاه سيء وان الفرنسيين غير راضين عن وجودهم بهذا الكيان لأنهم فهموا الكثير من الأمور خلال السنوات الأخيرة وفهموا أن أوروبا هى السبب الرئيسى وراء تردى وضعهم المعيشى و أن هناك علاقة وثيقة الاتحاد الأوروبى والتدفق المكثف للمهاجرين على فرنسا.

ومن المعروف ان مارين لوبن تنتهج نفس سياسية والدها المؤسس للحزب واهم ملامح هذه السياسة الميل الى الفكر المتطرف والمنغلق والذى يبدو فى ظاهره أنه يهدف إلى توفير الأمن للفرنسيين اما باطنه فيكشف عن عنصرية مطلقة بحجة الحفاظ على الهوية.

ومن هنا تُظهر لوبن التخوف على أمن المواطنين مطالبة بضرورة إغلاق الحدود الفرنسية وهو ما يستلزم الخروج من الاتحاد الاوروبى وتجنب التعرض لأى عمليات ارهابية جديدة.

هذا بالاضافة الى ان لوبن ترى ان وجود فرنسا فى الاتحاد يقلص من فرص الفرنسيين فى سوق العمل نظرا للمنافسة التى يتعرض لها المواطنون فى الاسواق الأوروبية وهو مايزيد من حجم البطالة بين الشباب الفرنسى ويقلل من قدرتهم الشرائية وبالتالى يفاقم من تدنى مستواهم المعيشي.

فضلا عن انها تحمل العملة الموحدة اليورو كل الإخفاقات الاقتصادية التى تعانيها البلاد والمواطنون معا.

والواقع ان المرشحة الرئاسية السابقة ماري لوبن والتى مازالت تضع الوصول إلى الاليزيه نصب عينيها قد جاءتها فرصة ذهبية لرفع شعبيتها وكسب المزيد من أصوات الناخبين عن طريق مواصلة العزف على أوتار رفض شريحة عريضة من المجتمع الفرنسى لاستقبال اللاجئين او المهاجرين،خاصة وأن قضية المهاجرين قد لعبت دورا كبيرا فى الخروج البريطانى.

ولهذا حرصت الزعيمة اليمينية المتطرفة على تأكيد أن انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد يمكن أن يكون بداية ل «أوروبا الانتقائية» وأن فرنسا لديها أسباب متنوعة للخروج من هذا الاتحاد اهمها الرغبة فى المزيد من الديمقراطية المباشرة والعودة لنقل الصلاحيات إلى البرلمانات الوطنية والكفاح ضد الشركات الدولية وحماية الهويات.

وفى حين يرى بعض المراقبين أن المعركة الحالية التى تخوضها مارى لوبن ضد الإتحاد الأوروبى ستزيد حتما من شعبيتها وترفع من أسهم جبهتها إلا أن أخرين يؤكدون ان الاخفاق سيحالف زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن ولن تستطيع تحقيق ما تهدف اليه: الوصول الى رئاسة الاليزيه أوالخروج من الاتحاد الاوروبي.