قف..


قف..
زلفى أشهبون

كنت كتبت عن "سطوب" قبل اليوم وقلت الاشياء التي تستوقفنا.. كتبت عن طيش السائق خلف المقود.. عن الموت والحياة.. عن لحظة اصطدام وبحث واعتقالات.. وغيرها..

كتبت عن الفيلم الامازيغي الريفي الذي بثته القناة الثامنة يوم الثلاثاء بعنوان "سطوب".. قبل ان يعرض حاولت صياغة الفيلم في بضع أسطر من خلال عنوانه.. حاولت من خلال ما كتبت الوقوف عند علامة قف..

لكن الفيلم فاجأني بغير فكرة.. إذ جاء بالجديد ونسق في قالب جميل بين جريمة اختراق علامات التشوير وبين العقد النفسية التي يحملها الانسان في صدره فتلازمه ويلازمها وتجده ينتقم من أبرياء عله يشفي جراح الموت في ذاكرته..

وفي سياق جميل أيضا.. ترك الفيلم سؤال الثقة.. فهل كل حامل لآلة التصوير صحافي فعلا ونعول عليه لينقل الخبر بمصداقية وشفافية بعيدا عن حساباته الشخصية وعن عقده العائلية والمجتمعية وبعيدا عن حياته الرومانسية..

"قف" كان من بطولة طارق الشامي الصحافي المعروف والذي حمل أيضا الكاميرا في الفيلم ولعب دور مجيد الصحافي المجد.. ونادية السعيدي الممثلة التي لعبت دور المرأة البوليسية المجدة في عملها والتي تضغط على قلبها لتخلص في عملها..
بالاضافة لهيام مسيسي العازفة التي تقع في حب الصحفي الذي سينهي حياتها من خلف المقود..

لن أركز على البرلماني والمسؤول وصاحب الشركات الخارق للقوانين بماله ومنصبه لان مثله كثيرون في بلدي ومدينتي ولن أقول فيهم اكثر من :" أيحسب أن ماله أخلده "...
كذلك الشرطي الذي يعيش على ذكرى زوجته المرحومة، ويفضل المقتولة عن الميتة عند ذكرها.. ربما نسمع عن حالات مماثلة.

غير أن سيناريو الفيلم كان جديدا وفعلا يجب علينا الوقوف عنده كما وجب الوقوف عند علامة التشوير "قف"..

فكيف يمكن أن نؤمن برسالات الصحفي ونحن نجهل سيناريو حياته.. كيف نقرأ لهم ما ينقلونه عن مجتمعنا.. كيف يجعلنا كل كاتب ﻷسطر وملتقط لصورة أن نتبع منشوراته ونصدق أخباره ونحملها بعده لغيرنا..

هل يجب أن يعرف كل صحافي عن نفسه وعن ماضيه وعائلته والاحياء من أهله والاموات..
هل وجب عليه التعريف عن هويته .. و رقم بطاقته وهاتفه.. وترتيبه بين أخوته.. ولعبته الطفولية المفضلة.. وفيلمه الكرتوني المفضل.. ومدرسته.. ومعلمته.. و أول حب له.. وانتماءه السياسي.. ومواقفه من العالم العربي والغربي.. ودول التقدم والتخلف..

ترك "سطوب" عندي أسئلة كثيرة وأولها جرأة البطل في تجسيد دور صحافي معقد مجرم..ولأنه صحافي فعلا أحييه على دوره وعلى جرأته وعلى كل التساؤلات التي قد تكسر أقفال الصمت والتستر عن المخفي والمعلوم عن مهنة الصحافة عندنا..
وإلا أن يثبت الصحافي براءته من الاشكالات المطروحة..
أصرح باحترامي لكل حامل كاميرا وناقل خبر وساهر ليل.. أشكر تفانيهم وتسابقهم و تنافسهم على السبق للحدث..
أشكر فيهم حضورهم الدائم عند كل واقعة صغيرة كانت أم كبيرة.. ذكاء بعضهم ودهاءهم وابداعهم في تقنية النسخ واللصق..
مهما يكن فكونه صحافي يجبرني ويجبرنا على احترام مهنته..

فتحية خالصة مني لصحافة الريف..