أسامة مكافح.. شهيد المدرسة


أسامة مكافح.. شهيد المدرسة


أمين الخياري :

في جرد لأحداث بصمت الساحة خلال بداية هذه السنة الجديدة، تتموقع قضية مقتل الطفل أسامة مكافح "شهيد المدرسة"، الذي اضطرّت أسرته لتحمّل مصابها الجلل الملمّ بها بوفاة طفلها في حادث سير رهيب جرى بتقاطع شارعي القيسارية والمقاومة بمدينة النّاظور يوم الخميس 11 فبراير2010 ، إذ أنّ أسامة قضى نحبه على الفور متأثرا بجروح نالت منه ولم تقو بنيته الطفولية على استحمالها .

في رد لنائب وزارة التربية الوطنية بالنّاظورعلى الحادث صرح لوسائل الإعلام بأنّه تلقّى الخبر الفاجعة من خلال إدارة مؤسسة "ابن خلدون" التي كان يدرس بها الشهيد/التلميذ، مؤكّدا أنّه استخدم صلاحياته لطلب اجتماع عاجل مع رئيس الجماعة البلدية للمدينة من أجل تدارس الإجراءات الاستعجالية الواجب اتخاذها لضمان السلامة البدنية للتلاميذ دون أن نعرف نوعية ولا حقيقة ونمط هذه الإجراءات المتخذة.

بعد الردّ الجميل، طالب أولياء الأمور، المحتجّون في أعقاب الواقعة، بمساندة مدنية واسعة من أجل إجبار المسؤولين على اتخاذ الاحتياطات والتدابير المسؤولة والهادفة لتفادي أمثال هذه الحوادث المسجّلة ببراءة طفولية مفقودة، مرفقين طلبهم لتأكيد عزمهم مقاطعة المدرسة "النجاح" لحين تلبية ما يرفعون من مطالب، مستنكرين عمد الأمن إلى تخصيص رجال شرطة قارين على أبواب المعهد الإسباني الوحيد بالنّاظور والمعروف بكونه محتضنا لأبناء زبدة المدينة من أثرياء، في حين تعمل المقاربة الأمنية على ترك أبناء المستضعفين لمصائرهم المجهولة.

بعد مرور شهرين على هذه الواقعة.. لا وعود المسؤولين تحققت.. ولا احتجاجات المجتمع المدني فعّلت.. إذ لا زال الحال كما هو عليه، حيث أن جولة سريعة حول بوابات المؤسسات التعليمية، بكافة درجاتها، تكفيك لتوضيح الرؤية؛ ،سيارات يستعرض أصحابها المقومات الجديدة المتوفرة فيها لفتا للأنظار،عدم احترام لتدفق التلاميذ المغادرين مؤسّسَاتهم، زيادة على غياب دوريات أمن قادرة على تنظيم المرور حفظا للسلامة البدنية للمتمدرسين، المنتمين لمختلف الأعمار، من أي خطر قد يرومه المتربصون بهم أمام الأبواب.. من متحرشين، وتجار مخدرات، وغيرهم ممن جاد بهم هذا الزمان الرديء.

تبقى خطابات المسؤولين المعقبة على الحوادث مندرجة في باب جبر الخواطر ودرء الفضائح، إذ لم نر لحد الآن ولو تحركا بسيطا من أجل توفير شروط التمدرس السليم وفق الأعراف الكونية المتمثلة في الجو والبيئة السليمة ضمانا لتكوين طبيعي وتنشئة فاعلة وخدومة للوطن.. إذ أنّ الظرف الحالي الذي تنعدم فيه أدنى شروط الأمان والسلامة تتحمل فيه الأجهزة الأمنية مسؤوليتها بقسط وافر.

إن الخرجات الإعلامية للمسؤولين لا تعدو أن تكون حقنة مسكنة تزرع في الوريد الاجتماعي كلّما لزم الأمر، مشكلة بذلك ملهاة ظرفية تتخذ موقعها ضمن نهاية عشرية الإصلاح الأولى التي تمّت دون أن يفعّل في حقّ أبنائنا حظهم منها، وهو المعطى الإضافي الذي يدفع ببروز أسئلة جدلية تروم نيل إجابات حول ما تحقق من الوعود، وما قدمته كافة مؤسسات الدولة للطفولة، وكذا مكانة المجتمع المدني ضمن هذا النسق "الإصلاحي".. فإلى متى سيبقى جسد التربية والتكوين متحملا للمسكنات التي تنخر ظاهره وباطنه دون أن تكون علاجا لما سكنه من أمراض مزمنة.

"أسامة.. رحمك الله يا شهيد المدرسة، الكل يفتقدك.. دفاترك وكتبك.. أقلامك الملوّنة ومحفظتك.. أصدقاؤك وأسرتك ومدرستك.. لكن لا داعي لكي تنزعج، فالحال لا زال كما كان عليه لحظة وجودك بيننا، فالمدرسة دون حراسة.. إذ أنّ الشرطي الذي وقف منتصبا أمام جثمانك لم يأت بعد لحماية أصدقائك وهم يوقنون بأن تخلفه سيطول.. كما أنّ الجمعويين الذين طالبوا بتسمية شارع فراقك باسمك لا زالوا لم يبارحوا بعد البهرجة بقضيتك..".

بلسان أسامة الذي زارني منذ فراقه أقولها.. فزائري يريد أن يعيش أصدقاؤه وأقرانه دون رؤية الموت واقفا بمقصلته أمام أبواب المدارس.. هذا أمل الشهيد أسامة..



1.أرسلت من قبل rifia_2010 في 21/03/2010 20:00
jazaka allaho khayran akhi l3aziz. 3ala ma9alika.walakin ta3rifo anaho la hayata liman tounady.

2.أرسلت من قبل azzdine في 23/03/2010 14:30
فعلا اختي الكريمة لا حياة لمن تنادي ولكن ه ذا لا يعني ان نبقى صامتين لأن هذا ضعف على الأقل الأخ امين ذكرنا بهد القضية التي دخلت طيات النسيان

3.أرسلت من قبل حسن من المانيا في 27/03/2010 19:17
تحية اجلال واكبار الى روح اسامة
لقد تلقينا خبر استشهادك البطولي وانت تلعن السرعة المجنونة لسيارة طائشة يقودها سائق متهور لايحمل قلبا يدق في صدره ولا عقلا يستوعب حب الاطفال للحياة وتشبثهم البريء بها مثل تشبثهم الفطري بحبل امهم السري.
غادرتنا خلسة وفي جعبتك الكثير من الاحلام التي اخمدها اعداء الحياة وقتلة الاطفال الى الابد رغم براءتها وابتسامتها الخالدة المرسومة على وجوه الاطفال وهي تنطق بالحكمة والذكاء الوقاد
كل من احبك من قريب او بعيد,كل من نسج حولك اسطورة الخلود والبقاء وضاءا في الذاكرة,كل من ادمع قلبه حزنا وكمدا قبل ان تدمع عيناه,كل من حمل تابوتك على كتفيه ليوارى جسدك الملائكي الثرى,ادرك بمحض الصدفة ان وقوفك الشجاع في وجه محترفي القتل المجاني في الارصفة وفي الطرقات والساهرين على توزيع بطائق السياقة بالمجان والارتشاء,ان دماءك الزكية لن تذهب هدرا وانها لا محالة ستسقي وردة الحياة وتزيد من اقبال الاطفال في مثل سنك على حب الحياة الى ما استطاعوا اليها سبيلا
لقد اغتالوك يا اسامة اعداء الحياة ولم يعيروا اهتماما لحقيبتك المدرسية التي تحوي كتبا ودفاتر واقلام ولا لذهنك الحامل لاسرار العلم والمعرفة وانت تشق طريقك فيها باصرار وعزيمة ودمروا اكثر مستقبل وطن ونافذة نحو التقدم والرقي فيك لانهم لم يدركوا ان ازهاق روح طفل شغوف بالمدرسة هي جريمة نكراء في حق مستقبل الوطن ووطن المستقبل
قرات قصة مفادها ان ملكا طاغية امر احد رعاياه ,وهو في حالة غضب شديد,بان يقتل ولده الصغير ثم ارغمه بان ياكل اشلاءه,غريب امر هذه الحكاية لكن الا نجد في مغزاها ما يعكس عالمنا الراهن الذي يحلل اهدار دم طفل صغير وحبس الانفاس في الارحام نتيجة لثقافة القتل الطرقي التي لاترحم حتى الاطفال الذين هم رمز للبراءة بابتساماتهم المرسومة دوما على وجوههم
يقول فيكتور هيجو في احد قصائده ان كل طفل نعلمه هو رجل نكسبه,فما بالنا نحن نغتال البراءة ونزرع حقول الموت المجاني في الطرقات?!فماذا سنجني غدا?طبعا لن نجني سوى ما زرعنا ومن زرع الريح لا يحصد الا العاصفة