
في كل صباح أفتح فيه عيناي على تضاريس هذا الوطن العزيز، أحاول استشراق آفاقه المستقبلية عبر مجهر كل تلك الاصلاحات و المشاريع المدشنة.. إلا أنني اصدم بواقعه الراهن المُتسم بالاحتقان و التشنج، ومزيد من تمظهرات الرفض و الاحتجاج.. إنها عادة المغاربة الذين تشبعوا بثقافة التقليد الأعمى لما يقوم به الآخر حتى لو تعلق الأمر بإيذاء النفس أو إلحاق الأذى بالجماعات الأخرى.
أرى أن الشعب المغربي أصبح مُدللا أكثر من اللازم، بحيث تحول "حق" الاحتجاج لديه إلى "موضة" يومية، فأصبح يتقن تلك الموضة الجديدة، بل ويتفنن في ممارستها بكل ما أوتي من خيال الإبداع، الذي حبذا لو تم تسخيره في الانتاج و طرح الافكار و البدائل التي تساعد على الارتقاء بقاطرة الوطن بعيدًا عن مظاهر "الاحتجاج المجاني" الذي يُضمر ابتزازًا نعلن بدءًا رفضنا له.
إن ما يشهده المغرب من "حراك" طال جميع القطاعات (اضرابات الأطر التعليمية، الصحة، موظفي الادارات العمومية، العدل،....، وحتى القطاعات الحرة) ناهيك عن العاطلين عن العمل من الشباب الحامل لشواهد مختلفة..كل هؤلاء أعلنوا، بدون سابق إنذار، توحدهم ضد مصلحة الوطن و المواطنين، ذلك أنهم انجرفوا (عن قصد، أو دونه في العديد من الحالات) وراء تيار دعاة "النضال الابتزازي" الذين يرفضون كل المبادرات ويتعاملون بسوء نية تجاه أي حل يتم اقتراحه لمعالجة ما يؤرقهم من مشاكل و معضلات اجتماعية..
أعتقد أن الفضاعة التي يتم بها استغلال المرحلة، قد تؤدي بمغربنا الحبيب الى دوامة لا متناهية من الاحتقان الأزلي المرفوض من قبل العقلاء و النخبة المثقفة و المتبصرة..وأجزم أن ما يُقترف حاليًا بإسم "حق الشعب في الاحتجاج السلمي" قد حاد عن صوابه و اختل ميزان السلم ليميل في بعض حالاته لعنف متعمد الهدف منه إشعال فتنة نائمة..
ولا تفوتني الاشارة كذلك إلى تورط الاعلام الالكتروني على اختلاف توجهاته ومشاربه، في هذا العبث المُقترف..حيث يساهم العديد من المُدونين عبر نقله بالصوت و الصورة لمجريات التدخل لفض أعمال شغب هنا و هناك، يساهمون في تأجيج الأوضاع بشكل مباشر و غير مباشر..فالمتلقي، سواء القريب أو البعيد، يثق بعدسات الكاميرات ثقة عمياء، رغم الاسلوب التحاملي الذي يميز العديد من مقاطع الفيديو المبثوثة عبر تلك المواقع.
ومن هنا، أدعو كل الغيورين من الشرفاء، كل من موقعه..الى اتقاء الله في هذا الوطن الغالي بالتحلي بمزيد من الروح الوطنية واليقظة وعدم الانسياق وراء موجة الحراك الشعبي الذي بدأت تزيغ قاطرة أهدافه النبيلة التي وُجد بسببها.
بقلم / عبد الواحد الشامي
Nador1912@hotmail.com