
أمين الخياري:
تشهد مدينة الناظور ،على غرار جل مدن المغرب، انتشارا واسعا لظاهرة التسول, ما يجعلها معنية بما كشفت عنه دراسة حديثة بكون نحو خمسمائة ألف شخص يمتهنون التسول كـ "حرفة" في المغرب، وذلك امتهانا بصفة دائمة أو مؤقتة لأسباب عدّة يرتبط مدملها بالفقر، وهي النتيجة الخطيرة التي خلصت إليها الدراسة المنجزة حول ظاهرة تسول الاطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة، اعتمادا على ثلاث فئات؛ حيث أنّ الفئة الأولى تشمل أطفالا تقل أعمارهم عن سبع سنوات، يتسولون مع مرافقين بالغين (نحو 273 طفل)، وضمت الفئة الثانية أطفالا ما بين الثمان سنوات و12 سنة، يمارسون التسول دون مرافقين (نحو 230 طفل)، في حين مسّت الفئة الثالثة الغير متسولين معرفة لآرائهم حول الظاهرة (289 شخص).. أجرت الدراسة الرابطة المغربية لحماية الطفولة، وهي منظمة غير حكومية، بتعاون مع مديرية التعاون الوطني وبدعم تقني من وزارة الصحة المغربية.
.بالناظور تتواجد أعداد كبيرة من المتسولين، أغلبهم من خارج الإقليم، يستقرون بالمدينة قاطنين أماكن غير ملائمة، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حفر أو كهوف أو ماشابه ذلك، والتي تقابل سومتها الكرائية ما لا يتعدى الـ 500 درهم لشهريا.. وهو المعطى السكني الذي يشحن المتسول للتفنن في ابتداع أساليب جديدة لاستدرار العطف، تأمينا لمصاريف الكراء والتزويد الكهربائي والماء الشروب ومستلزمات الاقتيات اليومي، إلى جانب دوافع محفّزة لهذا الفعل المحظور قانونا غالبها يبرز في صيغة مشاكل اجتماعية مترتبة عن الطلاق أو تخلي الوالدين أوالإهمال أو وفاة الأولياء أوسوء المعاملة أوالتحرش الجنسي، بالإضافة إلى عوامل ثقافية ومجتمعية تنشئ فعل التعود على التسول و تكوين عائلات بأكملها محترفة لهذا الفعل الذي تكمن خطورته الارتزاق على حساب عواطف الناس المأجّجة في إطار التكافل الاجتماعي والإحسان والبر، قبل ولوج الاحتراف بإنشاء شبكات منظمة للتسول تعتمد تقنيات مدروسة لاصطياد الضحايا، ما يبرز وجود عقول مدبرة مهمتها تنظيم المتسولين، ووضع خطط توزيعهم على مناطق حساسة, كفيلة بضمان العودة بمبالغ مالية مهمة, إذ لا تتوانى نفس هذه الشبكات في تشغيل النساء والأطفال والرضع والمعاقين بدنيًا وذهنيًا.

ومن الجانب التشريعي للقضية، فإن القانون الجنائي المغربي يجرّم التسول بمقتضى الفصول 326 ، و327 ، و 328 منه، حيث ينص الفصل 326 على أنه يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التَّعيُّش، أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل، أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعود ممارسة التسول في أي مكان كان.. كما ينص الفصل 327 على أنه يعاقب من ثلاثة أشهر حبسًا إلى سنة كل متسول، حتى لو كان ذا عاهة أو معدمًا، استجدى بإحدى الوسائل الآتية:استعمال التهديد، التظاهر بالمرض أو ادعاء عاهة، تعود استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه، الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته، دون إذن مالكه أو شاغله، التسول جماعة؛ إلا إذا كان التجمع مكونًا من الزوج وزوجته أو الأب أو الأم وأولادهما الصغار، أو الأعمى أو العاجز ومن يقودهما.. بينما ينص الفصل 328 على أنه يعاقب بالعقوبة المشار إليها في الفصل السابق من يَستخدم في التسول، صراحة أو تحت ستار مهنة أو حرفة ما، أطفالاً يقل سنهم عن ثلاثة عشر عامًا.
ورغم وضوح القانون تبقى ظاهرة التسول بالأطفال مقلقة في ظل الحياد السلبي للأجهزة المكلفة بتنفيذ القانون،,حيث تنتشر شبكات الإتجار بالأطفال في مختلف أحياء الناظور، خصوصا الهامشية، وهي معروفة بكرائها للأطفال بـ "تعريفة" متفق عليها تتأرجح بين الثلاثين والخمسين درهما، تحدّدها بدقّة المدة الزمنية، وتضاف إليها مصاريف تغذية الطفل طوال وقت "العمل".
ورغم وضوح القانون تبقى ظاهرة التسول بالأطفال مقلقة في ظل الحياد السلبي للأجهزة المكلفة بتنفيذ القانون،,حيث تنتشر شبكات الإتجار بالأطفال في مختلف أحياء الناظور، خصوصا الهامشية، وهي معروفة بكرائها للأطفال بـ "تعريفة" متفق عليها تتأرجح بين الثلاثين والخمسين درهما، تحدّدها بدقّة المدة الزمنية، وتضاف إليها مصاريف تغذية الطفل طوال وقت "العمل".

وترزح مدينة الناظور تحت تزايد ملحوظ لعدد الأطفال المتخلى عنهم، وما يواكبه من التكاثر الفطري لأعداد المتسولين المصحوبين بأطفال في تكتّلات لا تجمع بين أفرادها أيّ علاقة، عذا الصفة البشرية و"عقدة الكراء" الشفوية.. ومن أبرز صور هذه الفاجعة الإنسانية العثور على أربع رضع خلال أسابيع معدودة وضمن أماكن مختلفة وتواريخ متقاربة، حيث عثر على رضيع يوم 12دجنبر بحي اشوماي والثان يوم 26 دجنبر بأحد خزائن الملابس بالمستشفى الحسني، وآخر قبلهما بالنفوذ الترابي لجماعة إحدّدن، أضافة للطفل"حمزة" الذي يتواجد في كنف أشهر متشردات المدينة.
التمثلات الفردية والجماعية تعتبر التسول كظاهرة قديمة ومستمرة، من أكثر الظواهر خطرا على المجتمعات، كما أنّ نفس هذه التمثلات تستنكر امتداد هذه الظاهرة إلى الأطفال من سنّ الولادة إلى ما دون التمييز، وذلك رغما عن تحولها إلى جزء عاديّ معاش المشهد اليومي، يلحظها المرء ولا يعطيها اهتماما أثناء السير على الأقدام أو قيادة العربات أو الجلوس بمقاهي المدينة، مشاهدها بأطفال ورثوا التسول والتذلل في عمر لا يتجاوز في كثير من الأحيان العشر سنوات و ألفوا العيش على الطرقات وفرش صلابة الأرصفة، أطفال لا يعرفون للمدرسة طريقا بوجود أشخاص احترفوا تشغيلهم وأنشؤا عصابات تراكم الأموال شحتا قبل أن تتوسع، في أعقاب تفريخها لمجرمين، إلى السرقة والتجارة بالممنوعات وغيرها من الآفات الأخرى الأشد خطرا على الطفل والمجتمع، والتي قد تمتدّ إلى الإرهاب في أعقاب اشتداد المقت الآخر.. ويكفي المرور بشارع الحسن الثاني، بالنّاظور، لمعلمة وجود نسوة بمختلف الأعمار، يحملن فوق ظهورهم رضع،ا ويجرُّون خلفهم صبية في مشاهد متكرّرة بسوق "القيسارية" ومحيط مسجد "لالّة أمينة"، منهم الثيب والبكر، كما بينهم المتزوجة والمطلقة. يسخّرون أطفالا متاجرا في براءتهم بعد اكترائهم من "أسواق البشرية" بالحي المدني (بوبلاو) و إيكوناف، و الجانب البحري من حي ترقاع..
مصدر مسؤول رفيع المستوى من داخل المنطقة الإقليمية لأمن الناظور أفاد بأن تعليمات منحت، بشكل مفتوح، لكافة رجال الأمن للتدخل محاربة لهذه الظاهرة، إلاّ أن استفحالها وقلّة أماكن إيواء المحرومين الممارسين لها، إضافة لضعف بنيات المؤسسات الممكن استقبالها للأطفال، مؤكّدا على أنّ دور التدخل الأمني لن يكون فاعلا إلاّ بإسهام عموم المواطنين في تحمل مسؤولياتهم وفق دورهم التشاركي مع المؤسسة الأمنية، وما دون ذلك لا يعدّ إلاّ مقاربة أحادية تعجز عن التدخل الفعال في مثل هذه الملفات المجتمعية الشائكة.
أرق محمّل لأسئلة عديدة عمل موقع ناظور24 على نقله لمجموعة من المواطنين، أرق محشوّ بماهية الأسباب، وتحديد المسؤوليات، والوعي بوجود أزمة قيام محدّدة للتعامل مع الطفولة في هذا الإطار، إضافة لاستقاء آراء من أجل محاربة هذه الظاهرة المعقّدة أو التقليل من بروزها كأضعف إجراء ممكن، حيث ندرج ضمن التسجيل السمعي البصري أدناه نماذج لبعض من وافقوا على التعبير عن انزعاجهم..
التمثلات الفردية والجماعية تعتبر التسول كظاهرة قديمة ومستمرة، من أكثر الظواهر خطرا على المجتمعات، كما أنّ نفس هذه التمثلات تستنكر امتداد هذه الظاهرة إلى الأطفال من سنّ الولادة إلى ما دون التمييز، وذلك رغما عن تحولها إلى جزء عاديّ معاش المشهد اليومي، يلحظها المرء ولا يعطيها اهتماما أثناء السير على الأقدام أو قيادة العربات أو الجلوس بمقاهي المدينة، مشاهدها بأطفال ورثوا التسول والتذلل في عمر لا يتجاوز في كثير من الأحيان العشر سنوات و ألفوا العيش على الطرقات وفرش صلابة الأرصفة، أطفال لا يعرفون للمدرسة طريقا بوجود أشخاص احترفوا تشغيلهم وأنشؤا عصابات تراكم الأموال شحتا قبل أن تتوسع، في أعقاب تفريخها لمجرمين، إلى السرقة والتجارة بالممنوعات وغيرها من الآفات الأخرى الأشد خطرا على الطفل والمجتمع، والتي قد تمتدّ إلى الإرهاب في أعقاب اشتداد المقت الآخر.. ويكفي المرور بشارع الحسن الثاني، بالنّاظور، لمعلمة وجود نسوة بمختلف الأعمار، يحملن فوق ظهورهم رضع،ا ويجرُّون خلفهم صبية في مشاهد متكرّرة بسوق "القيسارية" ومحيط مسجد "لالّة أمينة"، منهم الثيب والبكر، كما بينهم المتزوجة والمطلقة. يسخّرون أطفالا متاجرا في براءتهم بعد اكترائهم من "أسواق البشرية" بالحي المدني (بوبلاو) و إيكوناف، و الجانب البحري من حي ترقاع..
مصدر مسؤول رفيع المستوى من داخل المنطقة الإقليمية لأمن الناظور أفاد بأن تعليمات منحت، بشكل مفتوح، لكافة رجال الأمن للتدخل محاربة لهذه الظاهرة، إلاّ أن استفحالها وقلّة أماكن إيواء المحرومين الممارسين لها، إضافة لضعف بنيات المؤسسات الممكن استقبالها للأطفال، مؤكّدا على أنّ دور التدخل الأمني لن يكون فاعلا إلاّ بإسهام عموم المواطنين في تحمل مسؤولياتهم وفق دورهم التشاركي مع المؤسسة الأمنية، وما دون ذلك لا يعدّ إلاّ مقاربة أحادية تعجز عن التدخل الفعال في مثل هذه الملفات المجتمعية الشائكة.
أرق محمّل لأسئلة عديدة عمل موقع ناظور24 على نقله لمجموعة من المواطنين، أرق محشوّ بماهية الأسباب، وتحديد المسؤوليات، والوعي بوجود أزمة قيام محدّدة للتعامل مع الطفولة في هذا الإطار، إضافة لاستقاء آراء من أجل محاربة هذه الظاهرة المعقّدة أو التقليل من بروزها كأضعف إجراء ممكن، حيث ندرج ضمن التسجيل السمعي البصري أدناه نماذج لبعض من وافقوا على التعبير عن انزعاجهم..
وعلاقة بالطفولة المتخلّى عنها، لا يمكن إثارة هذا الموضوع دون الحديث عن دور المستشفى الحسني الإقليمي بالناظور والجناح الخاص بالأطفال المتخلى عنهم المتواجد ضمنه، جناح يشمل الموصوفين قانونيا بـ "المهملين"، متوفر على كافة مستلزمات العيش الكريم و التربية السليمة، هذا الجناح المسير من طرف جمعية الياسمين لرعاية الطفولة التي يرأسها الأستاذ نجيب أزواغ هو عبارة عن غرفتين اثنيتين لا غير، إحداهما لإيواء الأطفال وثانيهما تستعمل كمخزن للمعدات ومطبخ وحمام ومستودع للملابس والأغذية والأدوية.. فعلى إثر زيارة ميدانية، وبمجرد ولوج موفد طاقم ناظور24 للجناح المذكور للأطفال المتخلى عنهم، تأثرنا باستقبالنا من لدن الطفل سعيد، وهو طفل في الثالثة من العمر، حيّانا بابتسامة عريضة بريئة ونظرات متوجسة تنال غالبا من الغرباء عن المكان، لكنه بمجرد رؤِيته رئيس جمعية الياسمين حتّى حملت ملامحه سمات الفرح، وتمسك بتلابيبه قبل أن يُحمل بين الأذرع، "أحس أنهم أبنائي.. فرحهم يفرحني، ومرضهم يؤجعني، وموتهم يفنيني.. حالة سعيد تزعجني.. فهو يعاني من تشوه خلقي على مستوى الجمجمة، وهو خلل تشوهي يستوجب نقله للعاصمة الإسبانية مدريد قصد علاجه.. ونحن في جمعيتنا نتمم الإجراءات القانونية لنقله.. وسأرافقه طيلة رحلة علاجه" هكذا عبّر رجل العمل في الظل نجيب أزواغ وهو يواصل حضن سعيد.
يسهر على جناح الأطفال المتخلى عنهم 4 نسوة، يعملن بنظام مداومة، ويسهرن على رعاية 10 أطفال سنهم متأرجح ما بين الأسبوع الواحد و الـ 4 أشهر، ما عدا سعيد الذي أكمل الثالثة من عمره.. ويستقبل الجناح حسب الأخصائية الإجتماعية بالمستشفى حوالي 20 طفلا في السنة، منهم من يتم إيداعه مباشرة هنا، ومنهم من ألحق بعد تواجد في وضع خطير بالشارع العام، حيث تبرز بالجناح المذكور مدى كلفة الرعاية المخصصة لـ 10 أطفال في ظل غياب جهات رسمية داعمة لهذا المشروع الإنساني صرف، والممهور ببصمات صحية نبيلة، إذ أنّ جمعية الياسمين لرعاية الطفولة، بصفتها جمعية مناضلة ضمن هذا المشروع، سيحكم عليها يوما ما بالتوقف رغما عن إصرار رئيسها على التضحية من أجل منح فرصة العيش الكريم لبراعم صغيرة بالبحث عن عائلات تتكفّل بهم وفق مقتضيات قانون الكفالة، والمحددة المشرع في إسلام الزوجين، و بلوغ السن الرشد للكافل، وتوفر الصلاحية الأخلاقية والاجتماعية للكفالة، وتوفر الأريحية المادية الكفيلة بتوفير احتياجات الطفل، وغياب الحكم على الزوج المتكفّل بحكم في جريمة ماسة بالأخلاق أو مرتكبة ضد الأطفال، إضافة لشرط السلامة البدنية والنفسية.
يسهر على جناح الأطفال المتخلى عنهم 4 نسوة، يعملن بنظام مداومة، ويسهرن على رعاية 10 أطفال سنهم متأرجح ما بين الأسبوع الواحد و الـ 4 أشهر، ما عدا سعيد الذي أكمل الثالثة من عمره.. ويستقبل الجناح حسب الأخصائية الإجتماعية بالمستشفى حوالي 20 طفلا في السنة، منهم من يتم إيداعه مباشرة هنا، ومنهم من ألحق بعد تواجد في وضع خطير بالشارع العام، حيث تبرز بالجناح المذكور مدى كلفة الرعاية المخصصة لـ 10 أطفال في ظل غياب جهات رسمية داعمة لهذا المشروع الإنساني صرف، والممهور ببصمات صحية نبيلة، إذ أنّ جمعية الياسمين لرعاية الطفولة، بصفتها جمعية مناضلة ضمن هذا المشروع، سيحكم عليها يوما ما بالتوقف رغما عن إصرار رئيسها على التضحية من أجل منح فرصة العيش الكريم لبراعم صغيرة بالبحث عن عائلات تتكفّل بهم وفق مقتضيات قانون الكفالة، والمحددة المشرع في إسلام الزوجين، و بلوغ السن الرشد للكافل، وتوفر الصلاحية الأخلاقية والاجتماعية للكفالة، وتوفر الأريحية المادية الكفيلة بتوفير احتياجات الطفل، وغياب الحكم على الزوج المتكفّل بحكم في جريمة ماسة بالأخلاق أو مرتكبة ضد الأطفال، إضافة لشرط السلامة البدنية والنفسية.











