
لم تشأ الأقدار الإلهية بعد، أن تقيد لبعض الجماعات المحلية بطانة خير تروم النماء والرخاء، والنهوض من قمقم التردي في تدبير الشأن المحلي . ولعل الله تعالى يبشر بالخير لفلذات أكبادنا . أما نحن فقد تهنا في متاهات التدبير العشوائي على شاكلة السكن العشوائي، لا أسس ولا أفق لتدبير معقلن يراعي التوازن للمرفق المحلي الذي بات العجز الهيكلي فــي الكثير من الجماعات ، ينخر جسدها الواهن ، بسبب سوء التسيير ، وإفراغ الحكامة الجيدة من حلتها القشيبة التي ألبست لباسا فضفاضا لتلوذ إليه خفافيش الظلام لتمرح وتسعد كيفما شاءت .
الحكامة الجيدة في اعتقادي هي أن نحاكم أنفسنا أولا قبل تحمل المسؤولية . إن كنا فبها
وإن لم نكن فكفى الله المؤمنين شر المسؤولية التي عرضها الشارع الحكيم " على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا "صدق الله العظيم.
لو أمعن المسؤول منا في تدبر هذه الآية الكريمة ،وسبر أغوارها تم تطبيقها ، ما كان علــى أديـــم هذه الأرض المبـــاركة ضياع وتردي في منــــاحي عديدة وأوجه كثيــــرة .مثلا بعض الجماعات المحلية ليس لها من الإسم إلا رسمه، ومن التدبير إلا ظله، فهوت إلى الحضيض في بنيتها التحتية . فمركز لجماعة ـ شاءت الأقدار أن أكتوي بلظى النسيان في قعره ، والذي ما إن أقبلت عليه لوليت منه رعبا ، لتراكم الوحل والطمي والويل ... على مدار السنة . أما إذا جادت السماء بفيضها ، فويل لكل قادم ومقيم . يهيم الناس في برك من المياه تلو المياه الملطخة بمياه آسنة تزكم الأنوف ، وتبعث على التقزز والقرافة .، بحثا عن عيشهم مــــــن التسوق . فهذه صورة من اعتاد على الوضع ، لإبراز صورة عن قتامته في بعض الجماعات المحلية التي دالت دولتها، وآلت إلى الإفلاس . فما هذا بالتجني، وإنما أشرحه للتجلي. فكيف يمكن تفسير تزويد المعاناة على الموظف الجمــــاعي الذي يعاني سوء التدبير في مســـــاره
المهني ، ليمس قوت يومه ، فيحجب عنه راتبه ؟ إلا أن يكون التردي " سوسة " نخرت جسد هذا المرفق . ترى من أعطى الحق للمسؤول أن يحرم هذا الكائن حقه المكفول من قبل القوانين والأنظمة ذات الصلة ؟ . كل أوجه التدبير لدى هذه الجماعات شابتها شوائب الإهمال ، فطالتها نقائص مذهلة في بعض المجالات ، وصادمة في بعض الحالات ، لتكون مجتمعة قرائن دامغة تثبت كساد هذا التسيير جملة وتفصيلا .
نماذج من الخرق المهين للبلاد والعباد تكرست وتتكرس على أرض واقع متأزم يمسي ويظل يعرض على الأنظار ، فتنشر صوره الضائعة في متـــــاهات الإهمال والتردي . ما لم تتدخل إرادة الجبار لتغسل نفوسا بالماء والثلج والبرد ، لقيادة الشأن المحلي نحو المبتغى والمطلوب .
ربنا أفرغ علينا صبرا ، واجعلنا لك طائعين ، وزينا بالقناعة ، تقربا لكل طاعة ، بعيدا عن نفس طماعة ، لا تدري أن الحياة ساعة . وجنبنا المسؤولية ما استطعت ، فهي الوجاء لمن صانها ، وهي الويل لمن أعرض وتجبر . فسر أيها المسؤول ما أستطعت ، فإنك " لن تخرق السماء ولن تبلغ الجبال طولا ".
والله متم نوره ولو كره المفسدون .