
هيثم شملال
https://www.facebook.com/assiwan006
حاليا ،الجميع يتحدّث عن "قبلة التلميذين النّاظوريين " التي صارت قضيّة رأي عام وطني وعالمي ، قُبلة عابرة للقارات قد تضاهي في شهرتها القُبلة السّحرية التي أنقذ بها الفارس الوسيم حبيبته فُلّة من الموت في إحدى أفلام الكرتون الذي كنّا نشاهده ونحن لا زلنا صغارا
لكن على عكس هذه الأخيرة ،فإنّ "القُبلة النّاظورية " كانت فأل شؤم على أصحابها وأُسَرهم بل على صورة المغرب ككلّ أمام أنظار العالم فيما يتعلّق بالحقوق والحريات العامة للمواطن ، بعدما تمّ إلقاء القبض على المتورّطين وانتزاع الإعترافات منهم عن طريق الترهيب والعنف كما هي عادة أجهزتنا القمعيّة التابعة للمخزن
جرّاء كل هذه التطوّرات المتسارعة في القضيّة،انْظمّ مجموعة أشخاص من المغرب و من جميع أنحاء العالم إلى حملات التّضامن الواسعة مع التّلميذين ، حيث بادر البعض إلى نشر صور قُبُلاته على صفحات المواقع الإجتماعية المختلفة والبعض الآخر قرّر أنْ يحتشد في الساحات العامة من أجل القيام بقُبُلات جماعية كما هو مزمع في كلٍّ من مدينة الدّار البيضاء و باريس الفرنسيّة مدينة الأنّوار والحريّات
لكنّ الأمر الأهم في اعتقادنا بالنسبة للجدل و للنّقاشات الدائرة حول هذه القضيّة و قضايا مشابهة تعيشها بلادنا كل فترة؛ هو ذاك التّخبط والخلط بين الأمور ، الذي يقع الكثيرون في شراكه ، والذي سنحاول في النقاط القادمة أن نتبيّن ملامحه قدر المستطاع
أوّلا ، التّلميذان بحكم دراستهما بالمستوى الإعدادي قادران على التّمييز بين الخطأ والصّواب ، وبالمفهوم الإسلامي فهما بالغان أيْ مسؤولان عن كلّ ما يترتّب مِن أفعالهما أمام الله والمجتمع ، أمّا المصطلح الغربي لما يسمّى بسنّ المراهقة ففي حقيقته ليس سوى شمّاعة للطّيش والإستهتار الذي يسلكه بعض الأفراد مباشرة بعد إتمامِ بلوغهم العقلي والجسدي
ثانيا ، لا أحد ينكر بأنّ الواقع على الأرض بالمغرب يشجّع على الإنحلال الأخلاقي والقيمي للفرد و المجتمع ، وبالتأكيد كذلك لا أحد منّا معصوم عن الوقوع في الأخطاء و المعاصي ، لكن التّباهي بالمعصية وإشهارها للعامة هذا ما نرفضه جملةً وتفصيلا ، بل حتّى المتزوّجون بعقد شرعي لا يحقّ لهم تقبيل بعضهم أمام الملأ فما بالك بالآخرين . ونحن هنا لا ندعوا إلى اقتراف المنكرات بإخفائها ، لكنّنا ننطلق من الحديث النّبوي الذي يقول " اجتنبوا هذه القاذورات ' أي المعاصي ' التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله " صححه الألباني في صحيح الجامع ( 149 )
ثالثاً ، في رأينا الشّخصي كان لا بدّ من معاقبة الفاعلين بأساليب تأديبية و ليس بتلك الوسائل البولسية المتشرّبة بالتخويف والضّرب وتجريح كرامة الإنسان ، كما أنّنا نقف في خندق من يُطالب بتطبيق نصوص القانون على الجميع وليس على أبناء الشعب المقهور وحسب ، لأنّه ثمّة أبناء عائلات راقية و أبناء مسؤولين وكذا بعض المشاهير يتبجّحون بنشر صور وشرائط فيديو تخصّهم وهم في وضعيات حميمية أكثر فضاعة وخدشاً للحياء العام
رابعا ، فيما يخصّ مَن تضامن مع التّلميذين بإظهار صور فَلَتاتِه الغرامية و ' قُبلاته '، يحقّ لنا هُنا أن نطرح عليه بعض التّساؤلات، أين هو من الرجال البُؤساء والنّساء المقهورات ممَّن يجوبون يوميّا الحدود الوهمية بين النّاظور ومليلية بكرامة مهانة وممرّغة في الحضيض ؛ أين هو من المواطنين الذين يقطنون في "البراكات" وفي كهوف الجبال ، أين هو من الأطفال المغاربة الذين يموتون كلّ عام تحت رزح الصّقيع والبرد القارس بأعالي الأطلس ، ومِن براءة الطّفولة التي يُنتهك عرضها من طرف الوحوشْ البشرية القادمة من أقطار العالم
قطعاً نحن نؤمن بالحريّة وحق الإنسان لكن ليس على حساب عقيدتنا وأخلاقنا وتقاليدنا العريقة ، فالحريّات المطلقة والفضفاضة التي تؤدّي نحو التّفسّخ الخلقي والإجتماعي لا تعنينا بل نعارض بنودها بشدة لأنّها تُنافي الفطرة الإنسانية السّليمة كالقوانين الشّاذة بتشريع زواج المِثليين التي باتت تغزو البلدان الغربية
لا شكّ في الختام أنّ القضيّة تلقي بمسؤوليتها على عاتق عدة فاعلين أساسيين بالمشهد العام في المغرب (الدولة ، الأسرة، قطاع التّربية و التعليم ، المجتمع ..) ، مسؤلية تحتّم على الكلّ اتخاذ تدابير آنية ومستعجلة لإصلاح مجموعة من الإختلالات التي تؤدّي بالمجتمع المغربي إلى الهاوية المظلمة والواقع أنّ القُبلة لم تعرّي أصحابها وحسب بل عرّت الجميع ، بلدًا وحكومةً وشعباً
https://www.facebook.com/assiwan006
حاليا ،الجميع يتحدّث عن "قبلة التلميذين النّاظوريين " التي صارت قضيّة رأي عام وطني وعالمي ، قُبلة عابرة للقارات قد تضاهي في شهرتها القُبلة السّحرية التي أنقذ بها الفارس الوسيم حبيبته فُلّة من الموت في إحدى أفلام الكرتون الذي كنّا نشاهده ونحن لا زلنا صغارا
لكن على عكس هذه الأخيرة ،فإنّ "القُبلة النّاظورية " كانت فأل شؤم على أصحابها وأُسَرهم بل على صورة المغرب ككلّ أمام أنظار العالم فيما يتعلّق بالحقوق والحريات العامة للمواطن ، بعدما تمّ إلقاء القبض على المتورّطين وانتزاع الإعترافات منهم عن طريق الترهيب والعنف كما هي عادة أجهزتنا القمعيّة التابعة للمخزن
جرّاء كل هذه التطوّرات المتسارعة في القضيّة،انْظمّ مجموعة أشخاص من المغرب و من جميع أنحاء العالم إلى حملات التّضامن الواسعة مع التّلميذين ، حيث بادر البعض إلى نشر صور قُبُلاته على صفحات المواقع الإجتماعية المختلفة والبعض الآخر قرّر أنْ يحتشد في الساحات العامة من أجل القيام بقُبُلات جماعية كما هو مزمع في كلٍّ من مدينة الدّار البيضاء و باريس الفرنسيّة مدينة الأنّوار والحريّات
لكنّ الأمر الأهم في اعتقادنا بالنسبة للجدل و للنّقاشات الدائرة حول هذه القضيّة و قضايا مشابهة تعيشها بلادنا كل فترة؛ هو ذاك التّخبط والخلط بين الأمور ، الذي يقع الكثيرون في شراكه ، والذي سنحاول في النقاط القادمة أن نتبيّن ملامحه قدر المستطاع
أوّلا ، التّلميذان بحكم دراستهما بالمستوى الإعدادي قادران على التّمييز بين الخطأ والصّواب ، وبالمفهوم الإسلامي فهما بالغان أيْ مسؤولان عن كلّ ما يترتّب مِن أفعالهما أمام الله والمجتمع ، أمّا المصطلح الغربي لما يسمّى بسنّ المراهقة ففي حقيقته ليس سوى شمّاعة للطّيش والإستهتار الذي يسلكه بعض الأفراد مباشرة بعد إتمامِ بلوغهم العقلي والجسدي
ثانيا ، لا أحد ينكر بأنّ الواقع على الأرض بالمغرب يشجّع على الإنحلال الأخلاقي والقيمي للفرد و المجتمع ، وبالتأكيد كذلك لا أحد منّا معصوم عن الوقوع في الأخطاء و المعاصي ، لكن التّباهي بالمعصية وإشهارها للعامة هذا ما نرفضه جملةً وتفصيلا ، بل حتّى المتزوّجون بعقد شرعي لا يحقّ لهم تقبيل بعضهم أمام الملأ فما بالك بالآخرين . ونحن هنا لا ندعوا إلى اقتراف المنكرات بإخفائها ، لكنّنا ننطلق من الحديث النّبوي الذي يقول " اجتنبوا هذه القاذورات ' أي المعاصي ' التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله " صححه الألباني في صحيح الجامع ( 149 )
ثالثاً ، في رأينا الشّخصي كان لا بدّ من معاقبة الفاعلين بأساليب تأديبية و ليس بتلك الوسائل البولسية المتشرّبة بالتخويف والضّرب وتجريح كرامة الإنسان ، كما أنّنا نقف في خندق من يُطالب بتطبيق نصوص القانون على الجميع وليس على أبناء الشعب المقهور وحسب ، لأنّه ثمّة أبناء عائلات راقية و أبناء مسؤولين وكذا بعض المشاهير يتبجّحون بنشر صور وشرائط فيديو تخصّهم وهم في وضعيات حميمية أكثر فضاعة وخدشاً للحياء العام
رابعا ، فيما يخصّ مَن تضامن مع التّلميذين بإظهار صور فَلَتاتِه الغرامية و ' قُبلاته '، يحقّ لنا هُنا أن نطرح عليه بعض التّساؤلات، أين هو من الرجال البُؤساء والنّساء المقهورات ممَّن يجوبون يوميّا الحدود الوهمية بين النّاظور ومليلية بكرامة مهانة وممرّغة في الحضيض ؛ أين هو من المواطنين الذين يقطنون في "البراكات" وفي كهوف الجبال ، أين هو من الأطفال المغاربة الذين يموتون كلّ عام تحت رزح الصّقيع والبرد القارس بأعالي الأطلس ، ومِن براءة الطّفولة التي يُنتهك عرضها من طرف الوحوشْ البشرية القادمة من أقطار العالم
قطعاً نحن نؤمن بالحريّة وحق الإنسان لكن ليس على حساب عقيدتنا وأخلاقنا وتقاليدنا العريقة ، فالحريّات المطلقة والفضفاضة التي تؤدّي نحو التّفسّخ الخلقي والإجتماعي لا تعنينا بل نعارض بنودها بشدة لأنّها تُنافي الفطرة الإنسانية السّليمة كالقوانين الشّاذة بتشريع زواج المِثليين التي باتت تغزو البلدان الغربية
لا شكّ في الختام أنّ القضيّة تلقي بمسؤوليتها على عاتق عدة فاعلين أساسيين بالمشهد العام في المغرب (الدولة ، الأسرة، قطاع التّربية و التعليم ، المجتمع ..) ، مسؤلية تحتّم على الكلّ اتخاذ تدابير آنية ومستعجلة لإصلاح مجموعة من الإختلالات التي تؤدّي بالمجتمع المغربي إلى الهاوية المظلمة والواقع أنّ القُبلة لم تعرّي أصحابها وحسب بل عرّت الجميع ، بلدًا وحكومةً وشعباً