
ناظور24 / سعيد أدرغال ـ جمال غلادة:
كثيرة هي المشاريع التنموية التي تذهب في مهب الريح فور انتهاء أشغالها، وأغلب الأسباب ترتبط بكونها تولد مشوهة غير واضحة المعالم، وهذا النوع من المشاريع برز خلال المدة الأخيرة بشكل كبير ضمن المناطق القروية التي تعول على مثل هذه الأفعال التدبيرية علّخا تعود عليها بالنفع، قبل أن تستفيق على معطيات كارثية مستجدّة.. والطريق الرابطة بين ثلاثاء أولاد بوبكر وصاكا مشهد من نموذج صارخ للمنجزات والمشاريع التي طالها الحيف والتقصير.
*سكان يطالبون بتدخل عاجل:
منذ عقود وسكان عشرة دواوير من جماعة ثلاثاء أولاد بوبكر ينتظرون بزوغ يوم يرون فيه الطريق التي تربط جماعتهم بمدينة صاكا وهي معبدة كي تنسيهم المعاناة التي تكبدوها لمدة طويلة، وتفك العزلة عنهم.. وقد استبشر نفس السكان خيرا بعد أن تحقق مشروع هذه الطريق الذي يعني تحقق حلم طال انتظاره. لكن الحلم تحول الى كابوس بعد أيام قليلة على نهاية الأشغال ببروز عيوب على طول الطريق الممتدة لمسافة تعادل الـ21 كيلومترا، حيث ظهرت الحفر وتآكلت الجنبات واعوجت القناطر .. وأمام هذا الأمر الطارئ، انتفض سكان الدواوير المعنية، منهم أفراد الجالية المغربية بهولندا الذين ساهموا بمبلغ 400مليون سنتيم في المشروع الطرقي المذكور، وكذا عدد من أبناء جماعة ثلاثاء أولاد بوبكر المعتزمين توجيه شكايات في الموضوع إلى عدد من الجهات حول طريق لم تحترم في إنجازها معايير السلامة من قبل المقاولة المنجزة، والمفضية إلى اختلال وعيوب لاحت بعد 10أيام من انتهاء الإنجاز.. إذ يورد عبو أحمد، العضو بجماعة ثلاثاء أولاد بوبكر: "بعد أسبوع من نهاية الأشغال، بدأت الطريق تتآكل والحفر تظهر بوضوح، ولا أعتقد أن هذه الطريق أنجزت وفق المعايير والمواصفات المذكورة، فالملحوظ هو أن المقاول ارتكز في إنجازه على الأتربة ثم غطاها بزيت محروقة وحصى.. نحن سنبذل قصارى جهدنا من أجل حث الجهات المسؤولة على اتخاذ تدابير عاجلة لإنصاف سكان جماعة أولاد بوبكر الذين تضرروا بشكل مباشر من الطريقة المنحرفة التي أنجزت بها الطريق.."
* ما الذي حدث بالتحديد؟:
سؤال كبير لم نعثر عن إجابة واضحة عنه لتبدد شكوك الساكنة.. وقد حاولنا البحث عن المقاول المشرف دون الفلاح في نيل رقم اتصال به للوقوف على رأيه بالموضوع، وكلّ المعلومات التي استقيناها تفيد بأنه صاحب مقاولة مستقرة بوجدة.. إلاّ أنّ آراء المستفسرين باحوا بما لديهم، ومن بينهم التقني خالد العياشي المشتغل بجماعة ثلاثاء أولاد بوبكرالذي أورد: "لست خبيرا في هذا المجال تحديدا، إلاّ أن العيوب والنقائص التي برزت بعد نهاية أشغال المشروع قد وصلتنا بشأنها عدة شكايات من سكان الدواوير المستفيدة من إنجازها، وهو ما أفاد الجماعة بالامتناع عن التوقيع على محاضر التسليم المؤقت للمشروع رغم إلحاح مسؤولي المقاولة المنجزة على ذلك، وقد استعنا بخبير ننتظر تقريره النهائي من أجل تدارس الأمر واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها، مع احتمال مطالبة المقاول بإعادة الإنجاز..".
* غموض يلف المشروع:
عند قيامنا بزيارة المشروع الطرقي المنجز التقينا بعضا من سكان الدواوير التي يمر عبرها، وقد عبروا عن استيائهم العميق لما حدث من تأثرات بنيوية نجمت عن زخات المطر التي هطلت على المنطقة مؤخرا، مؤكدين عزمهم البحث عن الحقيقة وكشف الغموض الذي يلف إنجاز هذا المشروع باللجوء إلى شتى الوسائل القانونية السلمية،معبّرين عن تبخر آمالهم التي كانت تعول على تقليص الإكراهات وفك العزلة قبل أن تزيد مؤخرا من معاناتهم وتعقيد الأمور.
الطريق لم تمضي سوى ثلاثة أشهر عن فتحها بين ثلاثاء أولاد بوبكر وصاكا حتى برزت عيوبها الكاشفة لانعدام معايير الجودة والتخطيط.. إذ أنّ هذه المدّة القصيرة كانت كافية لتبرز مكامن الخلل والغش، نتيجة اعتماد مواد غير صالحة ووسائل بدائية على طول المقاطع المنجزة بمحاذاة عشرة دواوير تابعة لجماعة بوبكر القروية، والمقطع المتمثل في الكيلومترات الثلاثة الممتدة ضمن الحيز الترابي لجماعة صاكا التابعة لإقليم تازة .
فبرغم حيوية المشروع الطرقي بالنسبة لسكان المنطقة، إلا أن المقاول أقدم على وضع طبقة رفيعة بمليمترات من الزفت مباشرة على تربة الطريق و عند إخلاله بشأن طريقة بناء القناطر التي شيدت بطريقة بدائية و قنوات صرف مياه ضيقة لا يمكن في حال من الأحوال أن تصمد في وجه الأمطار والمياه خصوصا وأن المنطقة معروفة بشساعة مساحتها وكثرة وديانها، الأمر الذي يفتح الباب لكل الإحتمالات بخصوص مستقبل الطريق
* بطاقة تقنية لطريق ثلاثاء بوبكر ـ صاكا:
المشروع أشرفت عليه وزارة التجهيز والنقل مديرية الطرق ،المديرية الإقليمية للتجهيز بالناظور بشراكة مع وكالة الإنعاش والتنمية الإقتصادية والإجتماعية لعمالات وأقاليم الجهة الشرقية للمملكة، ومؤسسة أمطالسة للتضامن للمغاربة المقيمين بهولندا. ويروم المشروع بناء طريق غير مصنفة تربط ثلاثاء بوبكر وصاكا على طول 21كلم .. عرضها يبلغ 4أمتار بقيمة تبلغ المليار و600مليون سنتيم ومدة إنجاز من 10 أشهر، في حين أنّ مساهمة الشركاء تتوزع كما يلي: وزارة التجهيز بـ 60 ًبالمئة، ووكالة الإنعاش والتنمية الإقتصادية والإجتماعية لعمالات وأقاليم الجهةالشرقية بـ 21بالمئة، ومؤسسة أمطالسة للتضامن للمقيمين المغاربة بهولندا 19ب بالمئة، في حين يهدف المشروع إلى إنعاش المنطقة إجتماعيا واقتصاديا ،وفك العزلة عن العالم القروي بشكل عام تستفيد منه 10 دواوير كلها تابعة لثلاثاء أولاد بوبكر.



