
حسن عين الحياة*:
توالت مؤخرا الضربات القاصمة والقاسية على ظهر "صاحبة الجلالة" في " مغرب الحريات"، حتى صار وأد وخنق المنابر الحرة في هذا البلد أمرا مباحا وفعلا مزاجيا يخضع لهوى " أصحاب الحال".
بالأمس القريب أعدمت المصداقية من خلال وأد جريدة " أخبار اليوم" وهي حية ترزق.. قتلوها في واضحة النهار بأسلحة مخزنية الصنع، ما تزال أرقامها التسلسلية في حوزة وزير الداخلية المقال شكيب بن موسى، حتى أضحت واقعة منعها من الصدور وإغلاق مقرها حقيقة تفقأ عين القانون، لتتلوها مباشرة محاولة اغتيال جرأة أسبوعية "المشعل"، تلك التي لازال مدير نشرها الزميل إدريس شحتان قابعا في السجن بعدما قضى قسرا ثلاثة أشهر ونصف متنقلا بين سجني الزاكي بسلا وعكاشة بالدار البيضاء، ليعقبه توقيف رسمي للأسبوعية المذكورة بقرار من وكيل الملك بالدار البيضاء.. واليوم ها نحن نقف مشدوهين أمام مشهد إعدام مجلة " لوجورنال " المشاكسة، التي واكبت كواليس "الانتقال الديمقراطي" في مغربي "الحسن الثاني والملك محمد السادس"، تزامنا مع انطلاق أشغال الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع. ولعل بعد عملية التصفية تلك، التي راحت ضحيتها " أخبار اليوم"، "المشعل" و"لوجورنال"، أمام صمت متواطئ حوله في صفوف المنتمين لـ " عشيرة الصحافيين "، لا شك أن القادم أسوء، مصداقا للمثل العربي المأثور " إنما أكلت يوم أكل الذئب الأبيض".
إن هذا الصمت المطبق إزاء عمليات تصفية المنابر الإعلامية الوطنية المستقلة، التي تدخل في خانة جرائم القتل التسلسلي، تفرض تلاحما تلقائيا بين المنابر المتبقية لإعمال مبدأ التضامن، كأضعف الإيمان، وبالتالي طمر الخوف والجبن ووضع التوافقات جانبا، لوقف هذا المسلسل الهتشكوكي الذي بات يقض مضجع "صاحبة الجلالة" في عز عنفوانها. إذ كيف يمكن الزهو بمغرب، قطع أشواطا متقدمة في درب "الديمقراطية"، و مدير نشر أسبوعية "المشعل"، الزميل ادريس شحتان، يكابد في صمت معانات تكاد تكون روتينية بين جدران زنازن نتنة بسجني الزاكي في سلا وعكاشة بالدار البيضاء، كيف نجرأ على القول بان هذا البلد منتجع تنتعش فيه الديمقراطية وحقوق الإنسان، وشحتان ينتظر استجابة لطلبه الملح في ضرورة إجراء عملية جراحية على أذنه اليمنى، التي يسقط من شدة مضاعفاتها أرضا، أكثر من خمس مرات في اليوم، كيف نقر جازمين أننا ننمو في مملكة رفعت شعار التضامن، وقضايانا العادلة كصحافيين تجابه بصمت المثقفين وتواطؤ السياسيين واستهزاء المستهزئين من أبناء جلدتنا، في حين أن قضايانا تحتل أرقاما متقدمة في أجندة الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية.. ولعل تقرير "هيومن رايتس ووتش" الأخير، الذي أدرج المغرب في خانة الدول التي تشهد تراجعا في مجال الحريات، يعد رسالة واضحة إلى من يهمهم أمر الصحافة و حقوق الإنسان والحريات في هذا " البلد الأمين"، وقد صدق القائل " كل الصحافيين في المغرب متهمون حتى تثبت براءتهم". !.
* صحافي بأسبوعية المشعل الممنوعة من الصدور