مهرجان العار


مهرجان العار


طارق والقاضي.


كلما حلً موسم الصيف، إلا واقتربت معه الاستعدادات لاستقباله بمهرجان باهت لا يروم المنفعة العامة، مهرجانا همُه الرقص والغناء التافه.

لقد أبان المسؤولون عن تقصير خطير في نظرهم، ذلك أنه من أجل تنظيم مهرجان للشطيح ورْديح يصرفون الأموال الطائلة ويقتطعون ميزانية المجالس المنتخبة و أموال التنمية البشرية المخصصة للتنمية الحقيقية التي تعود بالنفع على الناس، علما بأن لكل مهرجان تبعاته التي يعرفها الخاص والعام، فبدل أن تخصص الميزانية والأموال الباهضة التي تسرف في النشاط الخاوي في إنجاز مشاريع تطال الطرق والإنارة والنظافة والمرافق العمومية التي يفتقر إليها الإقليم، تصرف هذه الأموال في سهرات ترضى غواية البعض ولا تجلب أية منفعة للمدينة عدى الضجيج والصراخ . فنحن لا نريد أن نناقش الطرق التي ترسو بها المهرجانات على جمعيات بعينها، ولكن ما يدفعنا إلى التساؤل وإلى الاستنكار الممزوج بالحُرقة والمرارة هو أن هناك بعض من رجال السلطة لم يفهموا بعد أن المغرب قد تغير وأن المهرجانات الحقيقية التي تجلب الخير والمنفعة والرواج للمدينة هي المهرجانات التي تحيي الموروث الثقافي والفلكرول المحلي المساهم في التنمية المحلية خدمة للجهوية ولإرساء للديموقراطية المحلية.

لقد ضقنا ضرعا من هذه المهرجان الذي لا يرجى من ورائه خير، فهذ البذخ الجنوني وهذا الترف وإهدار المال العام في هذه الأمسيات الساهرة بحجة التنفيس عن الناس وإدخال البهجة والسرور إلى قلوبهم لهو ضرب من الاستهتار بالقيم العامة وبشعور الناس، إذ يكفي التجوال داخل الأحياء الهامشية للمدينة لأحذ صورة كاملة ونظرة شاملة عن ما آلت إليه الأوضاع هناك وعن حالة الفقر المدقع التي وصلت إليها الساكنة في ظل ظروف تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة، وعن رائحة الزبال العطرة التي غطت على نغمات موسيقى مهرجان العار.

وهذا الإستنزاف الخطير لأموال دافعي الضرائب الناظوريين، والإصرار على إهدار المال العام بشراهة لا متناهية ولا عاطفة فيها على أموال الشعب، لهو إستغلال فاضح للنفوذ وعدم الحرص على إحترام القانون والأخلاقيات العامة، وتحويل إهتمام الناس عن المشاكل الاجتماعية المتفاقمة كالغلاء وازدياد البطالة وانتشار الازبال...
ولكن ما يوخز ضميرنا أيضا، هو أننا نرى مناظر على فضاء الكورنيش وفي أماكن السهرات الليلية يقطر لها القلب، نساء محجبات بلباس يصرح بالممتلكات تثير الغرائز أكثر من لباس المتبرجات، ولم يعد معها أحد يعير إهتماما ولا وقارا للأخلاق العامة ، شباب يجوبون الشوارع بسراويل قصيرة يتحرشون بكل من حولهم في منظر مشين يثير التقزز والغثيان وفتيات قاصرات يافعات يتدافعن في إزدحام شديد من أجل الظفر بصورة تذكارية مع من جلبوه للغناء بالمهرجان.
لم يعد الرجل الريفي يٌعير إهتماما لعرضه ولا لشرفه، هو الذي كان مثال للعفة والطهارة والحياء.

إن ما يحتاجه الناس أهم بكثير من النشاط ومن الشْطيح والرْديح، وعلى المسؤولين المحليين أن يعوا حجم هذا الاستهتار بقيم الناس وكرامتهم وبأموال المدينة في أيام معدودات وفق أجندة لا يعرفها أحد، لأن المهرجات المسؤولة هي التي تروم التنمية الحقيقية وخدمة المواطن من قبيل تنظيم أنشطة موازية للتظاهرات الفنية كدوريات لكرة القدم لترسيخ ثقافة التضامن والأخوة بين شباب المدينة، والإلتفاتة إلى ذوي الاحتياجات الحاجة وخلق فضاءات ترفيهية حقيقية لفائدة الأطفال ، وخلق مناصب شغل قارة لشباب المدينة تقيهم قساوة الحياة، وفك العزلة عن المنطقة والتعريف بسكانها الرائعين، إضافة إلى العمل على تنظيم ورشات تربوية وورشات للرسم على اللوحات والجدران وعرض مسرحيات واستضافة وجوه ثقافية وفنية لإغناء الموروث المحلي وإعطائه إشعاعا ثقافيا وفنيا واجتماعيا، بدل الإقتصار على الغناء والرقص المائع، يقول الله تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ سورة النور19.
tarikoulkadi@gmail.com





1.أرسلت من قبل jhkjhkjhkj في 10/09/2011 00:35
ana owafi9oka ra2y ya akhi

2.أرسلت من قبل beautemps في 10/09/2011 14:27
صدقت اخي الكريم وسياتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم