يحيى: بوريطة أساء إلى المغاربة .. والوطن يحتاج "مجلس سبتة"


يحيى: بوريطة أساء إلى المغاربة .. والوطن يحتاج "مجلس سبتة"
ناظور24:متابعة

تحل اليوم الاثنين الذكرى الـ42 لإعطاء انطلاق المسيرة الخضراء، التي نتج عنها استرداد المغرب أراضيه الجنوبية، بعدما انطلق ما يناهز 350 ألف شخص، يوم 6 نونبر 1975، نحو الصحراء حاملين الأعلام الوطنية ونسخا من المصحف الكريم. لكن الذكرى نفسها تتصل بمرور عشر سنوات كاملة على الزيارة التي قام بها خوان كارلوس، ملك إسبانيا وقتها، إلى ثغري سبتة ومليلية الرازحين تحت سلطة مدريد.

الخطوة التي كان العاهل الإسباني قد قام بها، وجعلته يحل بمليلية يوم تخليد المغاربة الذكرى الـ32 لتحرك المسيرة الخضراء حينها، كانت الأولى من نوعها منذ قيام الملك الإسباني ألفونسو الثالث، عام 1927، بتبني النهج نفسه إبان الحماية المفروضة على المغرب، وقد ووكب تحرك الملك خوان كارلوس بإقدام الملك محمد السادس على سحب سفيره من مدريد "بغرض التشاور"، وأصدر بيانا شديد اللهجة حمل إسبانيا مسؤولية الإخلال باتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة من طرف الرباط ومدريد سنة 1991، والإساءة إلى الشعب المغربي في مشاعره الوطنية.

"نرفض، بكل حزم وصرامة، إقحام ثوابتنا الوطنية المقدسة في مساومات إسبانية داخلية، واستغلال مقوماتنا ومصالحنا، في كل مرة، كمتنفس وهمي لمزايدات ومساجلات سياسية محضة. وإذ نعبر عن حرصنا على كفالة وضمان كافة حقوقنا السيادية الثابتة والمشروعة، نعتبر ألا شيء يمكن أن يغير أو يمس بالوضع القانوني للمدينتين السليبتين والجزر التابعة لهما، الذي يعكس حقائق التاريخ وبديهيات الانتماء الجغرافي، وعدالة مطالبتنا المستمرة باسترجاعها إلى الوطن الأم"، يقول الملك محمد السادس في البيان نفسه.
 

إساءة خالدة

يحيى يحيى، الفاعل المدني الذي حرص طيلة سنوات على "إزعاج إسبانيا" باحتجاجات مطالبة برحيلها عن ثغري سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، قال لهسبريس: "أهنّئ الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء، خاصة ساكنة الصحراء المغربية، التي لم تكن لتصل إلى مستوى التنمية المحقق حاليا إن كانت إسبانيا باقية هناك، مركزة على استنزاف المنطقة دون اكتراث بالمغاربة في الأقاليم الجنوبية".

وأضاف يحيى أن السادس من نونبر لهذه السنة، إلى جانب كونه احتفاء بالمسيرة الخضراء كحدث تاريخي فريد من نوعه عالميا، فإنه يرتبط بمرور عشر سنوات كاملة على الزيارة الاستفزازية التي قام بها ملك إسبانيا السابق نحو سبتة ومليلية، الثغرين المغربيين المحتلين شمال المملكة من طرف مدريد. وزاد: "هذا التحرك أساء بشكل كبير إلى كل المغاربة، وبطريقة لا يمكن نسيانيها، بينما حلول ذكراه العاشرة ينبغي أن يحفزنا على الالتفاف الدائم حول قضايا الوطن العادلة، من جهة، وأن تبنى كل التحركات الرسمية والشعبية على هذا الأساس، من جهة أخرى".

خطأ بوريطة

"لقد تجرع الإسبان مرارة المس بشعورهم الوطني حين لجأت منطقة كاتالونيا إلى إعلان أحادي الجانب لاستقلالها، لكن المغرب الواعي بما تسفر عنه هذه الخطوة من اختلالات، بعدما تعرض طيلة عقود لمؤامرات الانفصاليين وداعميهم جنوب المملكة، لم يتردد في المجاهرة بدعم الوحدة الترابية الإسبانية"، يقول يحيى يحيى.

وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي قد عبرت عن موقف المغرب من سعي الكاتلان إلى إقامة دولتهم المستقلة بالانفصال عن سلطات مدريد، من خلال بلاغ صادر يوم 11 أكتوبر الماضي قال إن "المملكة المغربية، الوفية كعادتها لاحترام مبادئ القانون الدولي، تعبر عن رفضها للمسلسل أحادي الجانب لاستقلال كتالونيا، وتشبثها بسيادة مملكة إسبانيا ووحدتها الوطنية والترابية".

يحيى علق على هذه الخرجة الرسمية المغربية بتأكيده على أن "الوزير ناصر بوريطة بصم على خطأ جسيم يسيء بدوره إلى الشعور الوطني للشعب المغربي حين لم يستثن الأراضي التي تحتلها إسبانيا شمال بلدنا من هذا الموقف. ذلك أن سلطات مدريد تعتبر سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما أراضي إسبانية".

"كان من الواجب أن يتضمن بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي تشبث الرباط بسيادة مملكة إسبانيا ووحدتها الوطنية والترابية خارج المناطق المغربية التي تصرّ على احتلالها إلى اليوم، وأن تطالب الوثيقة الرسمية التي كشفها ناصر بوريطة بحوار بين البلدين يضمن للمملكتين حقوقهما السيادية، ويسير نحو استرداد المغرب أراضيه المستعمرة في أقرب الآجال"، يضيف يحيى يحيى في تصريحه لهسبريس، قبل أن يشدد على أن "التشبث بالوحدة الترابية لوطننا أولوية الأولويات".

حصى في حذاء الإسبان

عُرف الناشط يحيى يحيى، المزداد في مدينة مليلية، بكونه "حصى في حذاء الإسبان" منذ بروزه في خضم أحداث سنة 2007، ولمع نجمه عقب صدام جمعه بعناصر من شرطة الثغر نفسه، طاله بأضرار بدنية وأخضعه لمحاكمة في مليلية، وتحديدا حين خاطب رئيس الهيئة القضائية الناظرة في ملفه بقوله: "لاَ أعترف بقضاء الاحتلال في أرض مغربية. أطالبكم بالعودة إلى بلادكم".

وقاد يحيى يحيى سلسلة احتجاجات ضدّ سلطات مليلية انطلاقا من النفوذ الترابي لإقليم الناظور، متزعما مسيرات نحو معابر الثغر، وواقفا وراء بتر "ذراع السيف" من تمثال "دُونْ بِيدْرُو دِي إيستُوبِينْيَانْ" المجسد لقائد الحملة العسكرية التي أسقطت الثغر في أيدي الإيبيريين، عبر عملية داخل مليلية كان لها أثر رمزي شديد وسط مدبري المدينة الموالين لإسبانيا. كما خطط يحيى، أيضا، لعمليات اقتحام جزر تشافَارينَاس وبادِيس، التي تشهد وجود عسكر مدريد على بعد أمتار من البر الخاضع للسيادة المغربية فعلا.

مجلس استشاري

في تصريحه لهسبريس قال يحيى، الذي انخرط في الحياة السياسية قبل أن ينسحب منها قبل ثلاث سنوات ونيف، والمجرب رئاسة غرفة مهنية ومجلسا جماعيا مع الانتماء إلى مجلس المستشارين، إن "تخليق الحياة البرلمانية لا ينبغي أن يغفل العمل على الالتفاف حول قضايا الوطن، إلى جانب الاهتمام بقضايا المواطنين".

وأضاف: "سبق لي أن جربت دعوة البرلمانيين، المنتمين إلى غرفتَي المؤسسة التشريعية على حد سواء، إلى دعم الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسباني لسبتة ومليلية والجزر التابعة لهما بحضورهم وسطها، بصفتهم ممثلي الشعب المنتخبين، ولم أفلح في نيل أي استجابة منهم، كما أن الدور الكبير الذي يقومون به في مجلسَي النواب والمستشارين لا يتجه، للأسف الشديد، نحو دعم هذه القضية الوطنية".

يحيى يحيى ختم تصريحه لهسبريس بالدعوة إلى إنشاء مجلس استشاري لشؤون سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، وفسّر ذلك بالقول: "يمكن أن يكون من حجم المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية، وربما أكبر من ذلك، حتى يقوم بمراكمة دراسات ووضع تصورات لاستراتيجيات ترجع الأراضي المغتصبة إلى حوزة الوطن الأمّ، دون إغفال بناء علاقات دولية تساعد المملكة في التعريف بالقضية والحشد للظفر بتسوية تنهي أقدم وآخر احتلال في قارة إفريقيا، ولِم لا يدبر عمليات تسهر عليها قطاعات حكومية في هذه الأرجاء، من قبيل تنظيم عملية حج سكان الثغرين كل سنة".