
علي أنوزلا*:
ليس هذا رقم اتصال جديد وضعه وزير العدل، عبد الواحد الراضي، لتسهيل مهمّة المتقاضين أمام محاكم المملكة الشريفة، في إطار وعوده التي لا تتحقّق من أجل إصلاح القضاء. هذا الرقم هو عنوان محاكمة المناضل الحقوقي شكيب الخياري، الذي أيّدت أوّل أمس، محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا. فبعيدا عن التهم التي تكيلها له قصاصات وكالة الأنباء الرسمية، فإنّ الخياري أدين بتهمة تثير السخرية، ألا وهي حصوله على تعويض مادّي جراء تعاونه مع صحيفة "إلباييس" الإسبانية، التي صرفت له في حسابه الشخصيّ مبلغ 222.74 أورو فقط لاغير، وهو ما كيّفته محكمتا الدرجة الأولى والثانية بأنّه تهمة تقاضي مبالغ مالية من جهات أجنبية!
أمّا التهمة الثانية التي بسببها يوجد شكيب الخياري وراء قضبان السجن منذ أزيد من تسعة أشهر فهي "المسّ بهيئة منظمة"، في إشارة إلى تصريحاته التي كان يعبّر فيها، كرئيس لجمعية الريف لحقوق الإنسان، عن رأيه الذي يعتبر أنّ بعض تجّار المخدّرات تغلغلوا في الحياة السياسية ووصلوا إلى قبّة البرلمان!
أمّا التهم المضحكة التي ما زالت تروّج لها قصاصات وكالة الأنباء الرسمية، من قبيل تهمة "تسفيه جهود الدولة في مجال محاربة ترويج المخدّرات"، فيبدو أنّ القضاء نفسه لم يصدّقها، لأنّه يرى أنّه على الرغم من "هذه الجهود" ما زالت هذه التجارة القذرة نشطة.
فهل يستحقّ الخياري أن يظلّ وراء قضبان السجن بسبب هذه التهم المثيرة للسخرية؟
إنّ تهمة الخياري الحقيقية هي أنّه تجرّأ على فضح دواليب الفساد، وتعرية ممارسات تجار وأباطرة المخدّرات الذين تغلغلوا في الحياة السياسية. فما قاله الخياري هو نفسه ما يردده اليوم سياسيون شجعان أمثال عبد الهادي خيرات ومصطفى الرميد، الذين كانت لهما الشجاعة السياسية للقول إن تجّار المخدّرات يسكنون اليوم تحت قبّة البرلمان، يتكلّمون ويشرّعون القوانين باسم الشعب!
إن مؤسّسة البرلمان ليست مقدّسة، وأكثر من ذلك فإنّ البرلمانيين ليسوا محصّنين ضدّ النقد، وما صدر عن الخياري من تصريحات هو يدخل في إطار حريّة الرأي والتعبير، إلاّ إذا كان الهدف من وراء الحكم القاسي الصادر في حقه هو إخراس كلّ الأصوات التي تربأ بنفسها عن أن تشارك في جريمة الصمت والتستّر عن استشراء الفساد في جسد الوطن.
من يعرف الخياري خبر فيه صلابة المناضل الشجاع صاحب النفس الأبيّة، اختار طريقه الصعبة مثل دون كيشوط عصره، وأعلن محاربته طواحين الهواء، ولا يستحقّ منّا جميعا أن نتركه يواجه مصيره المأساويّ لوحده لأنّه تجرّأ وصرخ في وجه الريح!
* مدير نشر الجريدة الأولـى ـ Anouzla@gmail.com
ليس هذا رقم اتصال جديد وضعه وزير العدل، عبد الواحد الراضي، لتسهيل مهمّة المتقاضين أمام محاكم المملكة الشريفة، في إطار وعوده التي لا تتحقّق من أجل إصلاح القضاء. هذا الرقم هو عنوان محاكمة المناضل الحقوقي شكيب الخياري، الذي أيّدت أوّل أمس، محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذا. فبعيدا عن التهم التي تكيلها له قصاصات وكالة الأنباء الرسمية، فإنّ الخياري أدين بتهمة تثير السخرية، ألا وهي حصوله على تعويض مادّي جراء تعاونه مع صحيفة "إلباييس" الإسبانية، التي صرفت له في حسابه الشخصيّ مبلغ 222.74 أورو فقط لاغير، وهو ما كيّفته محكمتا الدرجة الأولى والثانية بأنّه تهمة تقاضي مبالغ مالية من جهات أجنبية!
أمّا التهمة الثانية التي بسببها يوجد شكيب الخياري وراء قضبان السجن منذ أزيد من تسعة أشهر فهي "المسّ بهيئة منظمة"، في إشارة إلى تصريحاته التي كان يعبّر فيها، كرئيس لجمعية الريف لحقوق الإنسان، عن رأيه الذي يعتبر أنّ بعض تجّار المخدّرات تغلغلوا في الحياة السياسية ووصلوا إلى قبّة البرلمان!
أمّا التهم المضحكة التي ما زالت تروّج لها قصاصات وكالة الأنباء الرسمية، من قبيل تهمة "تسفيه جهود الدولة في مجال محاربة ترويج المخدّرات"، فيبدو أنّ القضاء نفسه لم يصدّقها، لأنّه يرى أنّه على الرغم من "هذه الجهود" ما زالت هذه التجارة القذرة نشطة.
فهل يستحقّ الخياري أن يظلّ وراء قضبان السجن بسبب هذه التهم المثيرة للسخرية؟
إنّ تهمة الخياري الحقيقية هي أنّه تجرّأ على فضح دواليب الفساد، وتعرية ممارسات تجار وأباطرة المخدّرات الذين تغلغلوا في الحياة السياسية. فما قاله الخياري هو نفسه ما يردده اليوم سياسيون شجعان أمثال عبد الهادي خيرات ومصطفى الرميد، الذين كانت لهما الشجاعة السياسية للقول إن تجّار المخدّرات يسكنون اليوم تحت قبّة البرلمان، يتكلّمون ويشرّعون القوانين باسم الشعب!
إن مؤسّسة البرلمان ليست مقدّسة، وأكثر من ذلك فإنّ البرلمانيين ليسوا محصّنين ضدّ النقد، وما صدر عن الخياري من تصريحات هو يدخل في إطار حريّة الرأي والتعبير، إلاّ إذا كان الهدف من وراء الحكم القاسي الصادر في حقه هو إخراس كلّ الأصوات التي تربأ بنفسها عن أن تشارك في جريمة الصمت والتستّر عن استشراء الفساد في جسد الوطن.
من يعرف الخياري خبر فيه صلابة المناضل الشجاع صاحب النفس الأبيّة، اختار طريقه الصعبة مثل دون كيشوط عصره، وأعلن محاربته طواحين الهواء، ولا يستحقّ منّا جميعا أن نتركه يواجه مصيره المأساويّ لوحده لأنّه تجرّأ وصرخ في وجه الريح!
* مدير نشر الجريدة الأولـى ـ Anouzla@gmail.com