إدماج الأمازيغية في المناهج الدراسية على طاولة النقد


إدماج الأمازيغية في المناهج الدراسية على طاولة النقد
اعتبر عدد من المهتمين بتعليم اللغة الأمازيغية أنه بعد مرور ست سنوات على إقرار تدريسها بإدراجها في المنظومة التربوية، ما زالت خطوات الأجرأة والتنفيذ تلازم مكانها وتمشي بخطوات متثاقلة، ما يعطي الانطباع أن عملية تدريس الأمازيغية ثانوية وتدخل في باب الاستئناس.

هذا ما أجمعت عليه مصادر "المغربية" من أساتذة التعليم الابتدائي، الذين أكدوا أن السير العادي لعملية التدريس "تمشي حسب الأهواء، ويتجلى ذلك في غياب دورات تكوينية للمدرسين ومخطط استراتيجي يضبط الخطوط العريضة لتدريس الأمازيغية"، وأرجع بعضهم طبيعة هذه التعثرات "إلى قلة الأطر وضعف تأهيلها لهذه المهمة".

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، في ظل هذه الوضعية الاستثنائية، حسب العديد من المهتمين بالموضوع، لماذا لا نعطي للقرارات والإجراءات التي نتخذها بعدا عمليا، ونترجم غاياتها وأهدافها إلى واقع ملموس؟! خصوصا أن أي مشروع من هذا القبيل، تقول المصادر ذاتها، "ترصد له ميزانيات ضخمة وتستهلك حوله الكثير من المناظرات والندوات، ويسيل مداد الكثير من الأقلام، ويفتح نقاشات مستفيضة، وفي الأخير نصل إلى هذه النتيجة، التي إن كانت تبرز شيئا فإنما تعطي صورة سلبية عن مصداقيتنا أمام الرأي العام".

عن هذا الطرح لعملية إدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية، أكد سعيد الركراكي، أستاذ باحث قائلا، "حقيقة الطموحات التي سطرت، منذ البداية، لم تتحقق إلا شكلا، فيما المضمون يبقى خارج أي تقييم"، وأضاف محدثنا أن المشكل فيحد ذاته، يكمن في غياب تصور دقيق لماهية تدريس هذه اللغة، التي يجب أن نأخذها بشموليتها، باعتبارها مفتاحا لمعرفة موروثنا الثقافي الأمازيغي، واستكشاف قيمته وخصوصياته، لا أن نعتبرها لغة مستقلة بذاتها نهيم دون وعي في حروفها اللاتينية"، هذا ما يظهر، يقول الأستاذ الباحث في المناقشات، التي تحدث بين الحين والآخر في المنتديات واللقاءات التربوية، وهذا ما يتطلب حسب المتحدث ذاته "إعداد العقلية الملائمة لتقبل هذا الطرح، فالأمازيغية جزء من التعددية اللغوية والثقافية، التي يحفل بها المغرب". ولهذا، يقول الركراري لا يجب "اختزال إدراج الأمازيغية في المدرسة في تدريس اللغة وحروفها، إنما يجب أن يشمل ذلك الجوانب المعرفية المحيطة بها التي لاتغدو سوى مكون من مكونات الهوية المغربية".

من جانبه، أبرز مصطفى، أستاذ مادة الأمازيغية، أن الإشكال الذي تعرفه عملية التدريس لا يكمن فقط في تكوين المدرسين وإعداد الآليات الديداكتيكية والبيداغوجية لتدريس هذه اللغة الجديدة على فضائنا التعليمي، بل المشكل الأساس في إعداد الإطار الإيكولوجي للإدماج، الذي بإمكانه أن يعيد الاعتبار لهذا الموروث الثقافي ويجعله حلقة أساسية في المنظومة الاجتماعية والثقافية المغربية".

وتساءل هذا الأستاذ وهو يعطي نظرة موجزة عما شهده في تدريس الأمازيغية في بعض المدارس، التي حضر دروسا نموذجية بها، كيف يمكن أن نضمن التتلمذ السلس لهذه اللغة من طرف جميع التلاميذ، وهناك من فرضت عليه في القسم الثاني، وآخرون في المستوى الرابع، لكونهم في المدارس الأخرى لم تكن المدرسة تتوفر على مدرسين متخصصين"، فهذه اللخبطة يقول مصطفى "يمكن أن نقبلها في السنة الأولى بمضض، لكن أن نستمر على هذا النحو طيلة السنوات الست، فإنما أن هناك اعتقادا لدى البعض، أن تدريس الأمازيغية يدخل في باب التطوع، أو أن اللامبالاة والارتجال في التعاطي مع هذه اللغة هو الطاغي في غياب مذكرات رسمية صارمة وملزمة، تجعل من هذه اللغة ومكنونها المعرفي مادة أساسية للاختبار".

هذا ما ذهب إليه، أيضا، زميله عبد الغني الذي يحمل المسؤولية التدبيرية لأجرأة قرار إدراج الأمازيغية في النسق التعليمي إلى وزارة التربية الوطنية، لكونها لا تتوفر على استراتيجية واضحة لتفعيل التدريس وإدماج هذه المادة على كافة المستويات، حتى لا تظل سجينة الاستئناس"، كما اعتبر المتحدث أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية "لم يقم بدوره في المراقبة والاقتراح والتقييم لمواجهة أي خلل في التدريس"، ودوره يقول عبدالغني أن يكون "العين الساهرة على السير السليم لهذا الموروث الثقافي، ليس في المجال التعليمي فقط، بل حتى في شق البحوث والدراسات والإعلام".

المغربية